الفصل السادس
واجبات الأعضاء نحو مريم ١. إن تبجيل إكرام اﻠﻠﭽيو ماريا لمريم من خلال التأمل الجاد، والممارسة المتقدة بالغَيرة قد وُضع على عاتق كل عضو كفرض جليل للولاء ﻠﻠﭽيو ماريا. وهذا يجب رؤيته كجزء أساسي من واجبات العضو، ويأتي في المرتبة الأولى التي تسبق أي واجب آخر تمليه العضوية. (راجع الفصل الخامس، أشكال الإكرام الأساسية في اﻠﻠﭽيو ماريا، والملحق الخامس أخوية مريم سلطانة القلوب) إن اﻠﻠﭽيو ماريا تهدف إلى أن تعطي مريم للعالم، تلك الوسيلة التى لا تخيب لربح العالم ليسوع. فمن الواضح أن عضو اﻠﻠﭽيو ماريا الذي لا تكون مريم في قلبه، لا يمكنه أن يكون جزءاً من هذا العمل. فهو منفصل عن غاية اﻠﻠﭽيو ماريا. إنه جندي بلا سلاح، حلقة مكسورة، أو ذراع مشلولة – متصلة بالجسم، نعم - ولكن ماهى فائدته للعمل! إن دراسة الجيوش كلها (وأيضاً ذاك الخاص باﻠﻠﭽيو ماريا) يعلمنا حتمية الإرتباط بين كل جندى بشخصه والقائد، وبالتالى فإن خطة ذلك الأخير تمر بسهولة ويسر إلى حيز التنفيذ. فالجيش يعمل كوحدة واحدة. إلى هذه الغاية يتم توجيه كل الآليات المتطورة فى التدريب والإنضباط. إضافة إلى ذلك فقد وُجد أن الجنود في كل الجيوش العظيمة عبر التاريخ، كانوا يبدون لزعيمهم تفانياً حماسياً يزيد من إتحادهم إرتباطاً به، ويسهّل التضحيات التي يقتضيها تنفيذ المهام التي يخططها. وبهذه الكيفية يمكن أن يُقال إن القائد هو إلهامهم وروحهم، في قلوبهم وكواحد منهم ...إلخ. هذه التعبيرات تصف عملية تأثير القائد على جنوده، وتوضح حقيقة راهنة.
وفي أحسن الأحوال يكون هذا الإرتباط عاطفياً أو ميكانيكياً فقط. ليست هكذا علاقة النفس المسيحية بأمها مريم. فإن قولنا: مريم هي في نفس العضو الأمين المخلص، لهو قول يصف صورة هذا الإتحاد بشكل أقل بكثير من الحقيقة الواقعة، التي تلخصها الكنيسة في ألقاب أُعطيت للعذراء القديسة: “أم النعمة الإلهية”، “وسيطة جميع النعم”. في هذه الألقاب يتجسّد تأثير مريم الكامل على حياة النفس، بحيث أن أقوى إتحاد على الأرض - وهو إتحاد الجنين بأمه - لا يكفى لكى يصف حميمية هذا الإتحاد. إن بعض العمليات الطبيعية الأخرى قد تساعد على إدراك مكانة مريم في عمل النعمة: إن الدم لا يوزع على أعضاء الجسم إلا بواسطة القلب، والعينين هما أداة الإتصال مع عالم المرئيات، والعصفور- رغم رفرفة جناحيه - لا يستطيع أن يحلق في الجو ما لم يسنده الهواء. وهكذا فقد شاء الله ألا تستطيع النفس مطلقاً أن ترتفع إليه تعالى، أو أن يتم عمله إلا بواسطة مريم. وبما أن هذا ليس من إختلاق العقل أو العاطفة، بل ترتيب إلهي، فالإعتماد على مريم موجود رغم عدم الإعلان عنه. ومِن الممكن، بل من الواجب تقويته، بمشاركة عميقة فيه. فإتحادنا الراسخ بها وهي “موزعة دم الرب” (كما يقول القديس بونافنتورا)، يعمل فينا معجزات من القداسة، ويؤثر كثيراً في نفوس الآخرين. فإن النفوس التي لا يقوى ذهب الرسالة الخالص على إفتدائها من أسر الخطيئة، تُحَرر بسهولة متى تُرصع مريم هذا الذهب، بجواهر الدم الثمين الذي تحوزه بالنعمة المعطاه لها. ويتم ذلك بالتكريس الحار للعذراء القديسة، ويُجدد مراراً بعبارات تجسده مثل: “يا سلطانتي وأمي، إني بجملتي لك، وكل ما يخصنى يخصك”. إن فكرة تأثير مريم الدائم في النفس، يجب تحقيقها عملياً وبطريقة حية ومتواصلة، بحيث يمكن أن يُقال عن هذه النفس إنها “تستنشق مريم كما يستنشق الجسم الهواء.”(القديس لويس ماري دي مونفور) في القداس الإلهي، والتناول المقدس، وساعة السجود للقربان المقدس، وتلاوة المسبحة الوردية، وفي درب الصليب وسائر الممارسات التقوية، يجب على العضو أن يسعى ليصير مع مريم شخصاً واحداً، وأن يتأمل في أسرار الفداء من خلال تلك النفس الأكثر سمواً فى الإيمان التي عاشت هذه الأسرار مع المخلص، فلعبت دوراً لا يُستغنى عنه. لذلك، وبفعل الإقتداء بها، وشكرها بإمتنان، والإشتراك في أفراحها وأحزانها، وإعطائها ما يدعوه دانتي Dante “الدراسة الطويلة والمحبة السخية”، وإستحضار بعض التأملات عنها في كل صلاة وعمل وفعل روحي في الحياة، ومن خلال نسيان الذات وكل ما تملكه من خيرات لكى تعتمد عليها، تمتلئ نفس عضو اﻠﻠﭽيو ماريا بصورة مريم وذكرها، فتصبح النفسان نفساً واحدة. ومتى يتلاشى عضو اﻠﻠﭽيو ماريا في أعماق نفس العذراء القديسة، يشترك في إيمانها وتواضعها وقلبها الذي بلا دنس، (ومن ثمَ فى قوّة صلاتها)، ويتحول بسرعة شديدة إلى صورة المسيح، الذى هو هدف الحياة بأكملها. وعلى صعيد آخر فإن مريم، بواسطة أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا، تشارك فى كل واجب وتقدم أمومتها للنفوس، بحيث إنه في كل نفس يعمل من أجلها العضو المريمي، وفي كل زميل من زملائه العاملين، يُرَى ويُخدَم شخص سيدنا يسوع المسيح، بل أيضاً يُرَى ويُخدَم بواسطة مريم بذات الحب الرائع والرعاية التربوية اللذين أعطتهما للجسد المادى لإبنها الإلهي. بذلك يرتقى أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا إلى صور حية لمريم، فهذا اﻠﻠﭽيو يرى ذاته وبحق “لݘيو ماريا”، متحداً بعملها الرسولي ومضمون إنتصارها. هذا اﻠﻠﭽيو سوف يحمل مريم للعالم، وبها سوف يستنير العالم وفى الحال يصير كله متوهجاً. “مع مريم عيشوا الفرح؛ مع مريم تحملوا كل تجاربكم؛ مع مريم إعملوا، مع مريم صلوا، مع مريم ترفهوا؛ ومع مريم إستريحوا. مع مريم إبحثوا عن يسوع وإحملوه على أذرعكم؛ ومع يسوع ومريم ثبّتوا مسكنكم في الناصرة. مع مريم إذهبوا إلى أورشليم؛ وإبقوا بقرب صليب يسوع؛ وإدفنوا ذواتكم مع يسوع. مع يسوع ومريم قوموا من جديد؛ مع يسوع ومريم إصعدوا إلى السماء؛ مع يسوع ومريم عيشوا وموتوا.”
(توما الكمبيزي Thomas à Kempis: عظة للمبتدئين) ٢. الإقتداء بتواضع مريم
أساس عمل عضو اﻠﻠﭽيو ماريا وأداته توجه اﻠﻠﭽيو ماريا إلى أعضائها تعبيرات فيها روح الجيش والمعارك. وهي في ذلك على صواب. فاﻠﻠﭽيو ماريا هي الأداة والعمل الظاهر لتلك التي هي كجيش في القتال يصطف لإكتساب نفوس جميع البشر. وأكثر من ذلك، فإن لتلك الفكرة المجردة جاذبية شديدة للجنس البشرى، فمتى عرف أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا أنهم جنود، زاد إندفاعهم ليقوموا بمهمتهم بدقة. وبما أن جهادهم ليس من هذا العالم فلا بد لهم أن يجاهدوا حسب طرق السماء. إن النار المتأججة في قلوب أبناء مريم الحقيقيين لا تشب إلا من رماد صفات متواضعة لا تنتمي إلى هذا العالم. والصفة الممتازة بين هذه الصفات هي التواضع، هذه الصفة التي يحتقرها العالم، ويسيء فهمها، مع أنها نبيلة وقوية، وهي تمنح الذين يسعون إليها ويمارسونها شرفاً عظيماً، وجرأة أدبية نادرة.
إن للتواضع دوراً فريداً في اﻠﻠﭽيو ماريا، فهو قبل كل شيء أداة أساسية للرسالة المريمية. فمن أجل التأثير وتنمية الإتصال الشخصي الذي تعتمد عليه اﻠﻠﭽيو كثيراً فى عملها، تطلب من العاملين أساليب لطيفة لائقة، لا يمكن أن تتأتى إلا عن تواضع حقيقي للقلب، فالتواضع بالنسبة إلى اﻠﻠﭽيو هو أكثر من مجرد أداة للعمل الخارجى، وبدونه لا فاعلية للعمل المريمي. يقول القديس توما الإكويني إن المسيح قد حثّنا على التواضع فوق كل شيء، لأنه يزيل عن طريق البشر المانع الرئيسي لخلاص الإنسان، ومنه تستمد سائر الفضائل قيمتها. ولا يمنح الله مواهبه إلا عندما يوجد التواضع، وهو ينزعها عندما تفقد النفس تواضعها. فإن سر التجسد، وهو مصدر النعم، مؤسس على التواضع. وتقول العذراء القديسة في نشيدها: “أن فيها أظهر الله شدة ساعده”، أي أنه أظهر فيها عظيم قدرته، وتعلن لنا السبب، إنه تواضعها الذي لفت إليها النظر الإلهي، فنزل الله بواسطتها إلى العالم ليختم العهد القديم ويبدأ العهد الجديد.
ولكن كيف إستطاعت مريم أن تكون مثالاً للتواضع، وكنز كمالاتها بلا نهاية - تكاد تلمس بالحقيقة حدود المطلق، وهى عالمة بذلك؟ إنها متواضعة لأنها تعلم أيضاً أنها مفتداة فداءً أكمل من فداء سائر أبناء البشر، ولأنها كانت مدينة بكل شعاع من نور قداستها الفائقة الإدراك، إلى إستحقاقات إبنها، وتلك الفكرة كانت شديدة الوضوح فى عقلها وكان فكرها الذي لا مثيل له، يدرك بعمق أنه مدين لله أكثر من سائر البشر، لأنها نالت منه تعالى أكثر مما نالته أى خليقة أخرى. ذلك هو مصدر موقفها المتواضع المزين باللطف والسمو الذي ينساب بتلقائية وثبات.
ومتى تعلم منها عضو اﻠﻠﭽيو ماريا أن جوهر التواضع الحقيقي يقوم على الإعتراف والإقرار الصريح بما هو الإنسان بالحقيقة أمام الله، وأن عدم الإستحقاق هو فقط ما يملكه الإنسان، وكل شيء غير ذلك هو عطية الله المجانية للنفس. وكما أنه وحده تعالى الذي أنعم علينا، فله أن ينميه أو ينقصه أو ينزعه تماماً. وهذا الشعور بخضوعنا التام له يظهر في تفضيلنا الأعمال المتواضعة غير المرغوب فيها، ومبادرتنا إلى إحتمال الإهانات والتحقيرات، وإستعدادنا بوجه عام أمام مظاهر المشيئة الإلهية أن نكون صدى لما أعلنته مريم: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ.” (لو١: ٣٨ ) إن الإتحاد ضروري بين عضو اﻠﻠﭽيو ماريا وسلطانته، وهذا الإتحاد لا يتطلب الرغبة فيه فقط، بل القدرة عليه. من الممكن أن يقصد أي إنسان أن يكون جندياً صالحاً، ولكنه قد لا يحصل أبداً - مع رغبته هذه - على الصفات التي تجعل منه ترس فعال فى الآلة النظامية. فإذا نقصته هذه الصفات كان إتحاده بقائده غير مُجدٍ، بحيث يُشكل حجر عثرة في سبيل تنفيذ خطة القيادة. وهكذا عضو اﻠﻠﭽيو ماريا الذي يطمع في أن يكون له دور كبير في خطة سلطانته، ولكن قد يكون غير قادر على نيل ما تريد مريم بحرارة شديدة وعلى الدوام أن تغدق عليه. في وضع الجندي العادي، تعود عدم قدرته إلى نقص في شجاعته، أو مواهبه العقلية أو إستعدادته الجسمانية. أما في حالة العضو في اﻠﻠﭽيو ماريا فإن عدم القدرة هذه مردّها النقص في فضيلة التواضع. إن غاية اﻠﻠﭽيو ماريا هي تقديس أعضائها، وإشعاع هذه القداسة على عالم النفوس، ولكن لا قداسة ممكنة بدون التواضع. ثم إن رسالة اﻠﻠﭽيو ماريا تُمارس بواسطة مريم. فإذا لم يتشبه العضو المريمي بها، فلا يمكنه الإتحاد بها، وكم يكون ذلك الشبه ضئيلاً إذا خلا العضو من فضيلتها الخاصة وهي التواضع. إذا كان الإتحاد بمريم شرطاً لا بد منه، بل أساساً لكل عمل مريمي، فالأرض الصالحة لنمو جذور العمل هي التواضع، فإذا كانت التربة غير صالحة، فالحياة المريمية تذبل وتؤول إلى الفناء.
إن المعركة التي تخوضها اﻠﻠﭽيو ماريا في سبيل النفوس، يجب أن تبدأ في قلب كل عضو فيعلن الحرب على ذاته، قاصد العزم على قهر روح الأنانية والكبرياء فى قلبه. هذا الجهاد العنيف ضد جذور الشر في ذواتنا، والجهاد المستمر للحصول على صفاء النية، كم هو مُتعِب ومُنهِك للقوى. هو معركة الحياة بكاملها. فإذا إعتمدنا على قوانا الذاتية فقط، فشلنا فى حياتنا بكاملها، لأن الأنانية تتسلل حتى إلى جهودنا ضد ذواتنا. وأي نفع لعضلات الغريق الذي يتخبط في رمال متحركة ؟ لا بد له من دعامة قوية ثابتة. “أيها العضو المريمي، إن الدعامة المتينة التي تلزمك هي مريم. فإتكل إذاً عليها بثقة تامة. إنها لن تخذلك أبداً ولن تُخيب لك أملاً، لأنها متأصلة في ذلك التواضع الذي هو أساس الحياة بالنسبة لك. فى الممارسة الإيمانية لروح الإتكال عليها يوجد طريق أعظم سمواً، وهو بسيط وشامل للتواضع - ما عبّر عنه القديس لويس ماري دي مونفور “أحد أسرار النعمة الغير واسع الإنتشار، يمنحنا القدرة سريعاً وفقط بمجهود قليل أن نتجرّد من أنفسنا، ونملأها من الله، لنصبح كاملين”. وعندما يتوجه عضو اﻠﻠﭽيو ماريا نحو مريم، عليه أن يتخلى عن ذاته، فترسخ مريم هذا المسلك وترفعه لتضفي عليه التجرد الكامل عن الذات الفائق الطبيعة، فتجعلها تلبى قانون الحياة المسيحية المثمر وإن كان صارماً. (يو١٢: ٢٤-٢٥) وتسحق العذراء المتواضعة تحت عقبها حية الكبرياء متعدّدة الرؤوس: (أ) تعظيم الذات: فإن كانت مريم الغنية في الكمال والمواهب، حتى أن الكنيسة تدعوها “مرآة العدل”، وهي القادرة كل القدرة، وتنعم بسلطان لا حد له في عالم النعمة، ومع ذلك نراها جاثية على ركبتيها، كآمة الرب الوضيعة! فماذا يجب أن يكون إذاً موقف عضو اﻠﻠﭽيو ماريا ومنزلته؟ (ب) السعي وراء المصلحة الذاتية: فإن عضو اﻠﻠﭽيو ماريا، بعد أن تخلى عن ذاته لمريم، مع جميع خيراته الروحية والزمنية للتصرف بها كما يروق لها، يواصل خدمتها بروح السخاء التام نفسه. (ج) الإتكال على الذات: إن عادة الإتكال في كل شيء على مريم تقود حتماً إلى الحذر من الإتكال على القوى الذاتية المجردة. (د) الغرور: إن فكرة الإشتراك مع مريم تُظهر لعضو اﻠﻠﭽيو ماريا عجزه الشخصي. بماذا ساهم في هذه العلاقة مع مريم إلا بضعفه الذي يدعو للرثاء! (ھ) حب الذات والأنانية: هل هناك من شيء ليحب! متى إستغرق عضو اﻠﻠﭽيو ماريا في حبه لمليكته والإعجاب بها، لا يعود يفكر في أن يتحول عنها ليعجب بنفسه. (و) الإكتفاء بالذات: في الشركة مع مريم يجب أن تسود أسمى المعايير. فعضو اﻠﻠﭽيو ماريا يتخذ من مريم مثالاً، ويسعى إلى الإقتداء بصفاء نيتها الكامل. (ز) التقدم الذاتي: متى كان لعضو اﻠﻠﭽيو ماريا تفكير مريم، لا يهتم إلا لمعرفة الله وحده، ولا يبقى عنده مطامع ولا رغبة في أي مكافأة. (ح) الإرادة الذاتية: إن عضو اﻠﻠﭽيو ماريا الخاضع لمريم خضوعاً تاماً، لا يثق بإندفاعات ميوله الخاصة، بل يصغي دائماً إلى إلهامات النعمة. لا تجد العذراء القديسة في عضو اﻠﻠﭽيو ماريا الذي ينسى ذاته، مانعاً يقف في وجه تأثيراتها الوالدية. فهي تنمّي فيه النشاط وروح التضحية فوق ما تقوى عليه الطبيعة، وتجعل منه جندياً صالحاً للمسيح (٢ طيم٢: ٣)، وأهلاً للخدمة الشاقة التي تقتضيها مهنته.
“إن الله يغتبط بأن يعمل في العدم، ومن العدم يستخرج كل المخلوقات بقوته. فغيرتنا يجب أن تكون بلا حدود على مجده تعالى. وأن نكون مقتنعين في الوقت ذاته بأننا عاجزون عن تحقيق هذا المجد. ونغرقَ في هاوية حقارتنا، ونتلاشى في ظلال عزلتنا، وننتظر بإطمئنان حتى يستخدَمنا الله، ويتمجّد بنا بحسب مشيئته. بطرق تختلف تماماً عما نتوقعه نحن. من بعد يسوع المسيح، لم يسهم أحد قط في مجد الله بنفس الدرجة التي أسهمت بها العذراء مريم، وهي من تلقاء ذاتها لم تفكر إلا في أن تتلاشى. وتواضعها يبدو عقبة في طريق مخطط الله لها. بينما ذلك التواضع هو الذي سهل تحقيق مشيئة الله العظيمة الرحمة.”
(غرو Grou: في حياة يسوع ومريم الداخلية) ٣. إكرام العذراء الحقيقي إلزام بمزاولة الرسالة بيّنا في هذا الكتاب، أنه ليس لنا حرية الإختيار في ما نريده في المسيح، فنحن لا نستطيع أن نقبل المسيح الممجَّد من غير أن نُدخل في حياتنا المسيح المُتألم والمُضطهَد. فالمسيح واحد لا يمكن أن يتجزأ. وعلينا أن نأخذه كما هو. إذا ذهبنا إليه نطلب السلام والسعادة، فقد نجد بأننا سمّرنا ذواتنا على الصليب. هكذا تمتزج المتناقضات وتختلط ولا سبيل إلى الفصل بينها. فلا نصَر بلا ألم، ولا عرش بلا شوك، ولا مجد بلا ضيقات، ولا إكليل بلا صليب. نحن نبذل الجهد لنأخذ إحداها فنجد أننا أخذنا الآخر معها. وبالطبع، فإن هذه القاعدة تسري أيضاً بالنسبة إلى سيدتنا مريم العذارء. فهي أيضاً لا يمكن أن تنقسم إلى أجزاء مختلفة، بحيث نستطيع أن ننتقي ونختار ما يناسبنا. فلا يمكننا أن نشاركها أفراحها من غير أن تنسحق قلوبنا في الوقت ذاته لعذاباتها. إذا أردنا، مثل القديس يوحنا التلميذ الحبيب، أن نأخذها معنا إلى بيتنا (يو١٩: ٢٧)، فيجب علينا أن نأخذها بكاملها. أما إذا كنا نرغب في أن نقبل ناحية واحدة فقط من نواحي وجودها، فلن ننال منها شيئاً. ومن الواضح أن إكرام مريم يجب أن يوجه لكل ناحية من نواحي شخصيتها ورسالتها. فلا يشغلنا ما هو مهم ولكن الأكثر أهمية. فعلى سبيل المثال، مهم جداً أن ننظر إليها كمثالنا الممتاز لنستقي منه الفضائل. لكن الإقتصار على ذلك دون عمل أي شيء آخر، يدل على إكرامنا الجزئي أو الهزيل لها. ولا يكفي أن نصلي لها حتى ولو أكثرنا الصلاة. ولا يكفي أيضاً أن نبتهج بالإنعامات المذهلة التي لا تحصى التي غمرها بها الثالوث الأقدس، وزادها منها ومنحها أن تعكس علينا شعاع كمالاته. فواجبات الإحترام هذه واجبة جميعها للعذراء، ويجب أن تقدم لها، ولكنها لا تتجاوز كونها أجزاء من وحدة كاملة. فإكرام مريم الحقيقي لا يتم إلا بالإتحاد بها. وهذا الإتحاد هو وحدة الحياة معها. وحياة العذراء لا تقوم أساساً على إثارة الإعجاب بل على إعطاء النعمة للنفوس. إن حياة البتول بكاملها وخلاصة غايتها هى الأمومة: أمومتها للمسيح أولاً ومن ثَم أمومتها للبشر. فمن أجل هذه الرسالة أعدها الثالوث الأقدس وأخرجها إلى الوجود بعد حوار أزلي (كما يشير القديس أوغسطينوس). وفي يوم البشارة دخلت لمهمتها العجيبة، ومنذ ذلك اليوم بقيت أماً لتدبير شؤون بيتها. الشؤون التي ظلت فترة قصيرة محصورة في نطاق الناصرة. ولكن البيت الصغير ما لبث أن صار العالم الواسع بكامله، وإبنها الصغير قد أصبح البشرية جمعاء. وهي لا تزال تواصل عملها كربة بيت بلا إنقطاع، وبدونها لا يحدث شيء في هذه الناصرة الآخذة في الإتساع. وكل ما يُبذل من العناية لجسد الرب إنما هو إستكمال لعنايتها. فالمرسل يستطيع فقط أن يضم ذاته لمهامها الأمومية ومن هذا المنطلق يمكن لسيدتنا أن تعلن: “أنا حياة رسولية”، تقريباً مثلما قالت: “أنا التي حُبل بها بلا دنس.” وبما أن أمومتها للنفوس هي مهمتها الأساسية وملء حياتها، فنحن إن لم نشترك في هذه الأمومة لا نستطيع أن نحقق إتحاداً حقيقياً بمريم. لذا دعونا مرة أخرى نوضح هذه الحقائق: لا بد أن يشمل إكرام مريم الحقيقي خدمة النفوس. فمريم بدون أمومتها، والمسيحي بدون رسالته أمران متشابهان. كلاهما ناقص، وغير حقيقي وغير جوهري ومخالف للمقاصد الإلهية. ليست اﻠﻠﭽيو ماريا مبنية على دعامتين هما مريم والرسالة، بل على دعامة واحدة هي مريم، التي تحوي في ذاتها الرسالة، (ويُفهم بالحقيقة) الحياة المسيحية بأكملها. يقول المثل السائد: “إن التفكير بالتمنى أمر لا يجدي نفعاً”. كذلك تقديم خدماتنا لمريم بالقول فقط لا يجدى نفعاً. لا نظن إن المهمات الرسولية تتساقط من السماء على الذين يقنعون أنفسهم بالإنتظار السلبى لذلك أن يحدث. فكل الخوف إن هؤلاء المتكاسلين سوف يستمروا على حالهم من البطالة. فالطريقة الوحيدة الفاعلة لتقديم ذواتنا كرسل إنما تكمن في إلتزامنا بمزاولة أعمال الرسالة. فمتى شرعنا في العمل، جاءت مريم وإعتنقت عملنا وضمته إلى أمومتها. ولا تستطيع مريم أن تعمل من غير مساعدتنا. ولعلكم تظنون أن في هذه الفكرة شيء من المبالغة؟ إذ كيف تكون العذراء القديرة خاضعة في عملها لمساعدة أشخاص ضعفاء مثلنا؟ ولكن هذا هو الواقع. هو من جملة تدابير الله التي تستدعي مشاركتنا البشرية، والتي لا تخلص الإنسان إلا بواسطة الإنسان. حقاً، إن كنز نعم مريم فيّاض جداً، لكنها لا تستطيع أن توزع منه شيئاً بدون مساعدتنا. فلو كان بإمكانها أن تستعمل قدرتها وفقاً لرغبة قلبها فقط، لإهتدى العالم كله بطرفة عين. لكنها ملتزمة بأن تنتظر من المنظمات البشرية أن تضع ذاتها تحت تصرفها. فبدون عون تلك المنظمات، لا تستطيع إستيفاء مهمتها الوالدية، فتذوي النفوس وتموت. لذلك نراها تبادر إلى قبول كل الذين يضعون ذواتهم تحت تصرفها، وهي تستخدمهم أفراداً وجماعات، لا الأشخاص القديسين والأكفاء فقط، بل الضعفاء وغير الأكفاء أيضاً. فهم جميعاً ضروريون ولا بد منهم، وهي لن تستغني عن أحد منهم. فالأصغر بينهم قادر أن ينقل الكثير من قوة مريم، أما الممتازون فبإمكان العذراء أن تظهر فيهم وبواسطتهم قدرتها الكاملة. تأملوا كيف يفيض نور الشمس بأشعة ساطعة عبر زجاج نافذة نظيف، ولا يمر إلا بصعوبة من خلال نافذة زجاجها متسخ. “أليس يسوع ومريم هما آدم الجديد وحواء الجديدة اللذين ضمتهما شجرة الصليب في العذاب والحب، للتكفير عن الزلة التي إرتكبها أبوانا الأولان في الفردوس الأرضي؟ يسوع هو الينبوع، ومريم هي قناة النعم التي تلدنا ولادة ثانية روحية تساعدنا على بلوغ وطننا السماوي”.
“فلنبارك الرب، ولنبارك معه تلك التي رفعها وجعلها أم الرحمة، ملكتنا وأمنا الجزيلة الحب، وسيطة نعمه وموزعة كنوزه. إن إبن الله يريد أن تشع أمه مجد ملكه وجلاله وقدرته. وبما أنها إتحدت به وهو ملك الشهداء، من حيث هي أمه وشريكته في عمل فداء البشر العجيب، فهي لا تزال متحدة به إلى الأبد، ولها قدرة غير محدودة على توزيع النعم الفائضة من الفداء. فملكها متسع إتساع ملك إبنها، ويمتد بحيث لا يفلت منه أحد من الكائنات.” (البابا بيوس الثاني عشر: خطاب في ٢١ نيسان (ابريل) ١٩٤٠ و ١٣آيار (مايو) ١٩٤٥) ٤. الإجتهاد الشديد في خدمة مريم لا يجوز بأي حال من الأحوال، أن يكون الإعتماد على مريم عذراً لنقص الجهود أو للقصور فى النظام، بل على العكس تماماً، لأن من يعمل مع مريم ولأجلها يجب أن يعطيها أجود ما عنده. وعليه أن يعمل بنشاط ومهارة ودقة. فبين وقت وآخر من الوارد حدوث خطأ من بعض الفِرَق أو الأعضاء الذين لا يظهرون إهتماماً كافياً يتصل بالعمل المريمي العادي أو بالإنتشار والسعي لإكتساب أعضاء جدد. وأحياناً تكون حجتهم في ذلك عدم ثقتهم بمواهبهم وقواهم الذاتية، وظنهم أن إتكالهم على العذراء سيعطي أفضل النتائج على حسب طريقتها هي. غالباً ما يصدر ذلك الرد من أشخاص جادين من الذين يميلون إلى أن ينسبوا إلى قلة النشاط الخاص بهم شكلاً من الفضيلة، وكأن أسلوب العمل والجهد يدل ضمناً على ضعف الإيمان، وهناك أيضاً خطر خاص من تطبيق أفكار بشرية فى هذا الشأن وتبرير ذلك بأنه إذا كان الإنسان هو الأداة فى يد قدرة لا متناهية فإن القيمة الحقيقية لمجهوده الشخصى لا تكاد تصنع فرقاً حقيقياً. وذلك هو ما يطرح التساؤل: “لماذا يشترك الفقير في عمله مع صاحب المليون؟ هل يبذل جهده ليزيد قرشاً على رأس المال الفائض المشترك؟” فمن الضروري أن يظهر بوضوح المبدأ الذي يجب أن يحكم موقف أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا من عملهم المريمي. وهذا المبدأ أنهم ليسوا مجرّد أدوات جامدة فى عمل مريم. فهناك سؤال حول التعاون الحقيقى معها في سبيل فداء نفوس البشر وإثرائها الروحي. في هذا التعاون يقدم الواحد ما لا يستطيع الآخر أن يقدمه. فعضو اﻠﻠﭽيو ماريا يقدم عمله ومواهبه، بل ذاته بكاملها، ومريم تقدم ذاتها بكل نقاوتها وقدرتها. ويلتزم كل منهما بأن يساهم بلا تحفظ في هذا العمل المشترك. فإذا إحترم العضو روح هذا الإلتزام فإن مريم لن تبخل بشيء، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن نجاح العمل يتوقف بكامله على عضو اﻠﻠﭽيو ماريا، فيجب إذاً أن يستخدم من أجله كل ذكائه وكل قوته، وما يكملها من أسلوب عمل ممتاز وثبات ومثابرة. وحتى إذا كان الجندي المريمي واثقاً أن العذراء ستحقق النتائج المنتظرة، بغض النظر عن جهوده، فيجب عليه أن يبذل جهوده الشخصية الكاملة، وبنفس النشاط الذي يبذله فيما لو كان النجاح متعلقاً به وحده. وحين يضع كل ثقته الكاملة بعون مريم، عليه أن يبذل أقصى جهده، وأن يكون سخاؤه مساوياً لثقته. ويعبر القديسون عن المبدأ القائل بالجمع بين الثقة غير المحدودة والجهد الكبير المنظم، بقولهم إن المرء يجب أن يصلي كما لو كان كل شيء معلقاً بصلاته دون جهده، ويجب أن يبذل نشاطه كما لو كان كل شيء معلقاً به دون صلاته. يجب ألا نقيس حجم جهودنا بمقياس صعوبة العمل، وألا نفكر بطريقة الذين يحاولون أن يكسَبوا غاياتهم بأبخس ثمن. حتى في الأمور الدنيوية، فإن روح المساومة هذه تقود بإستمرار إلى الخسارة، أما في الأمور الفائقة الطبيعة فهي دائماً ما تفشل، حيث تتسبب فى خسارة النعمة الضرورية لنجاحها. بالإضافة إلى ذلك لا بد أن نحذر من الإعتماد على الأحكام البشرية، فكثيراً ما تنهار بلمسة يد صعوبة كانت تبدو مستحيلة. في حين أن بعض الثمار القريبة تفلت من اليد، وفى النهاية تقطفها يد أخرى. فالنفس التى تتعامل مع الأمور الروحية بصورة حسابية، ستغرق فى أمور أدنى وأدنى تنتهى بها إلى العقم. والوسيلة الوحيدة لإتقاء هذه المضار هي أن يبذل عضو اﻠﻠﭽيو ماريا نشاطاً غير محدود في كل عمل يقوم به. فسواء كان عملاً عظيماً أو عادياً، يقدم العضو المريمى أعظم جهد. وقد تكون هذه الدرجة من الجهد غير مطلوبة. فربما كانت مجرد لمسة كافية لإتمام العمل؛ وكان إتمام العمل هو الهدف الوحيد، فيكون منطقياً الإكتفاء بأداء هذا الجهد البسيط ولا شىء آخر. فإن المرء، كما يقول بيرون، ليس بحاجة إلى رفع هراوة هرقل لدهس فراشة أو سحق بعوضة. ولكن يجب أن يدرك أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا أن غاية العمل ليست النتائج، فهم يعملون لأجل مريم، بغض النظر عن سهولة العمل أو صعوبته، فعليهم أن يعطوا كل عمل أجود ما عندهم، سواء كان قليلاً أو كثيراً. وبهذا يستحقون أن تشاركهم العذراء في كل عمل مشاركة تامة، حتى لو إقتضى ذلك منها إجراء المعجزات. وإن لم يكن بوسع العضو إلا القليل، فإن فعله بكل قلبه، فستتدخل مريم بقدرتها وتضفي على ضعفه قوة الجبابرة. وإذا بذل كل ما في وسعه وظل مع ذلك مبتعداً بمليون ميل عن النجاح، فمريم سوف تعبر تلك المسافة لكى تحمل عملهما المشترك إلى خاتمة مثالية.
وإذا بذل عضو اﻠﻠﭽيو ماريا في سبيل مهمته عشرة أضعاف الجهود اللازمة لإتقانها، فما من شيء يضيع من جهوده. أليس نشاطه كله مقدم وعائد إلى خدمة تدبيراتها الهائلة وغاياتها؟ وتقبل العذراء هذا الفائض من جهوده وتُكثره بنوع عجيب، وتستخدمه لسد الحاجات الماسّة في أسرة الرب. فلن يضيع شيء مما يوضع بين يدي ربة بيت الناصرة المتيقظة. وبعكس ذلك، إذا ظلت مساهمة العضو وعمله أقل من الحد المقبول عما يجب أن يقدمه، كان ذلك سبباً لأن تمسك يدها عن إفاضة خيراتها بسخاء. فإن تهاونه يلغي تحالف الخيرات المشترك مع مريم مع ما فيه من إمكانيات فريدة. وفي ذلك خسارة محزِنة بالنسبة للنفوس وبالنسبة للعضو المريمى نفسه، ذلك بأن يُترك معتمداً على إمكاناته الشخصية!
فلا فائدة من محاولة تبرير جهود العضو المريمى الغير الكافية أو التدابير المهلهلة، بحجة أنه يتكل إتكالاً تاماً على مريم. فهذه الثقة المزعومة، التى مكنته من أن ينتقص الدور الذى يخصه من مساعى أمينة، ليست إلا مسلك ضعيف ومشين، فهو يسعى لأن يثقل عاتق العذراء بثقل يستطيع هو أن يحمله. وهل يخدم أى فارس من الفرسان ذوى الشهامة سيّدته الجميلة بهذه الغرابة!
ومع أننا تطرقنا إلى هذا الأمر من قبل، فلنحدّد مرّة أخرى المبدأ الأساسى للمعاهدة المبرمة بين عضو اﻠﻠﭽيو ماريا ومريم. على العضو أن يؤدي كل ما بوسعه من نشاط لأن دور مريم ليس في أن تعوض ما يرفض هو أن يعطيه، فليس من الملائم لها أن تخفف عنه المجهود والأسلوب والصبر والتفكير الذى يستطيع أن يبذله، بل ذلك واجب عليه أن يؤديه عطية لله. تريد مريم أن تبذل وتعطي بسخاء، لكنها لا تستطيع ذلك إلا نحو النفوس السخية. وبما أنها تتمنّى أن ينال أولادها، أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا، بغزارة من خيراتها الواسعة، فهي تطلب منهم بإلحاح، بكلمات إبنها، الخدمة “بكل قلوبهم، وكل نفوسهم وكل أذهانهم، وكل قوّتهم.” (مر ١٢: ٣٠) وعلى عضو اﻠﻠﭽيو ماريا أن ينظر نحو مريم لتزيد من نشاطه الطبيعي، وتطهّره، وتكمّله، وترفع الطبيعى إلى ما فوق الطبيعة وتجعل الجهود البشرية الضعيفة قادرة على تحقيق ما يستحيل تحقيقه. لكن هذه أشياء عظيمة القدرة. هذا يعني أن الجبال ستُقتلع من أساساتها وتُلقى في البحر، والتلال سوف تنخفض وتُمهّد، وتقوّم السبل لتهدى إلى ملكوت الله. “نحن كلنا عبيد بطالون، لكننا نخدم سيّداً في غاية الإقتصاد، لا يسمح بضياع شيء هباء، لا من قطرات عرق جبيننا، ولا من قطرات نداه السماوي. أنا لا أعلم مصير هذا الكتاب، بل لا أعلم هل أتى إلى آخره، ولا هل أصل لآخر هذه الصفحة التي يخطها قلمي، ولكني أعلم ما يكفي ليجعلني أضع في كتابتها ما بقي من قواي وعمري، كبيراً كان أم صغيراً.”
(فردريك أوزنام Frederick Ozanam)
تابع قراءة الفصل تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح