الفصل الثامن عشر
ترتيب إجتماع الفرقة ١. يكون وضع الإجتماع على نظام واحد. يجلس الأعضاء حول طاولة، على طرفها يُقام مذبح صغير مؤقت لغرض الإجتماع. وعلى مفرش أبيض بمقاس مناسب، يُوضَع تمثال لعذراء الحبل بلا دنس (الواقفة لتوزيع النعـــــم). ويُفضَل أن يكون التمثال بإرتفـــاع قدمين (٦٠ سنتيمتراً) وعلى جانبيه زُهريتان، وشمعدانان مضاءان. وإلى الجانب الأيمن للتمثال، وقليلاً إلى الأمام منه، توضع راية اﻠﻠﭽيو ماريا الآتى وصفها في الفصل ٢٧
توجد صور لوضع المذبح والراية
يُجَسّد التمثال حضور العذراء الملكة بين جنودها، فيجب ألا يكون المذبح منفصلاً عن طاولة الإجتماع، ولا موضوعاً بحيث يكون التمثال خارجاً عن حلقة الأعضاء. إن حبنا البنوي لأمنا السماوية، يُلزِمنا بواجب الحرص على أن تكون الأدوات والورود جيدة قدر المستطاع. فالإنفاق على هذه الأدوات هو غير متكرّر، ويكون عادة مرّة واحدة. ويمكن لمتبرّع أو أحد المتيسرين الصالحين أن يقدم للفرقة زُهريات وشمعدانات من الفضة. ويكون لبعض أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا شرف الواجب بأن يحافظوا على بقاء الراية والزُهريات والشمعدانات نظيفة ولامعة، مزينة بالورود والشموع وذلك على نفقة الفرقة
وعندما يكون من الإستحالة توفر الأزهار الطبيعية، يُسمح بإستعمال الأزهار الإصطناعية، مع إضافة بعض النباتات الخضراء لإضفاء عنصر الحياة الطبيعية إليها
وفي الأجواء التي يلزم فيها حماية لهب الشموع من الهواء، يمكن أن تُوضَع فوقها كرات زجاجية، على أن تكون شفافة فلا تخفي الشمعة ذاتها، وقد يتم تثبيتها بأعلى الشمعة
يمكن تطريز كلمتى “ﻠﭽيو ماريا” على المفرش وليس إسم الفرقة. فلابد من التركيز على نقاط الوحدة وليس التمايز
“إن وساطة مريم وثيقة الإرتباط بأمومتها، وتَحمِل بشكل خاص طابع هذه الأمومة الذي يميزها عن وساطة الخلائق الأخرى التى على تنوعها وبطرق ثانوية على الدوام، تشارك فى الوساطة الواحدة للمسيح، رغم أن وساطة مريم، هي أيضاً، وساطة شريكة. وفي الواقع، “إذاً لا يمكن أن تتساوى أي خليقة بالكلمة المتجسد والفادي”، ففي الوقت نفسه، “وساطة الفادي الوحيدة، لا تستبعد بل بالحرى تقود إلى مشاركة متكاثرة فيها بين الخلائق ما هى إلا مشاركة فى ذلك المنبع الأوحد. وعلى هذه الصورة فإن محبة الله الوحيدة، تصل فى الحقيقة إلى كل الخلائق بأشكال وصور مختلفة
(مريم، أم الفادي، البابا الطوباوى يوحنا بولس الثاني، ١٩٨٧ - ٣٨) ٢. الإلتزام بالساعة المحدّدة للإجتماع، فيقف الأعضاء في أماكنهم ليبدأ الإجتماع. إن بدء الإجتماع في الوقت المحدد (أمر شديد الضرورة لفاعلية الفرقة) لن يكون ممكناً إلا إذا حضر الضباط، قبل بدء الإجتماع بمدّة كافية، للقيام بالتحضيرات اللازمة
لا يبدأ الإجتماع في أي فرقة، بدون برنامج مكتوب، يُطلَق عليه إسم “ورقة العمل”. وتُعَد هذه الورقة مسبقاً قبل كل إجتماع، ومنها يعلن الرئيس الأعمال. وتُسجَل في هذه الورقة الأعمال التي تهتم بها الفرقة بشكل مفصل. وأمام كل عمل تُحدّد أسماء الأعضاء الذين يتولون القيام به. وليس من الضروري مناقشة الأعمال بحسب ترتيبها في هذه الورقة في الإجتماعات اللاحقة. بل ينادى بإسم العضو الذي قام بالعمل ليدلي كل منهم ببيان عن مهمته الخاصة، حتى وإن قاموا بالعمل في مجموعات من إثنين أو أكثر
وقبل نهاية الإجتماع يجب التأكد من أن كل عضو نال حصته من العمل للإسبوع المقبل
من المُحبّذ أن يكون للرئيس دفتر حفظ أوراق، تُجمَع فيه “أوراق العمل” لكل إسبوع
“مهما كان السعي وراء الكمال والطموح إلى المُثل العليا متوهجاً ومسيطراً على الإنسان، فلا يجوز أن يُتخًذ مبرّراً لعاطفة مبهمة وغير عملية. وكما تم التوضيح، فإن عبقرية القديس إغناطيوس تمثلت في أنه إستغل الطاقة الروحية بعناية وبطريقة منهجية. إن البخار لا ينفع شيئاً، بل هو مصدر إزعاج ما لم يكن لدينا أسطوانة ومكبس له. فكم من الحرارة الروحية المتأججة تذهب هباء إن لم تُفحَص بشكل خاص وتُطبَق بشكل محدد! إن جالوناً من البنزين إذا ما أُسيء إستخدامه يمكنه أن يفجر سيارة، أما إذا إستخدم بعناية وإبداع فهو قادر أن يدفع السيارة إلى قمة الجبل (ألفريد أوريلي Alfred O’Rahilly: سيرة حياة الأب وليم دويل) ٣. يُفتتَح الإجتماع بالإبتهال والصلاة إلى الروح القدس الذى هو مصدر النعمة، والحياة، والحب، ونبتهج بأن نرى مريم هي القناة الموصلة له “منذ أن حملت بإبن الله في أحشائها، تمتعت مريم، إذا جاز التعبير، بنوع من السلطان على كل أفعال الروح القدس في الحياة الزمنية، بحيث أنه ما من خليقة تنال نعمة من الله إلا من خلال شفاعتها... فجميع العطايا والنعم والفضائل التي هي للروح القدس تُدار وتُوزَع من خلالها لمَن تشاء، ومتى تشاء وبقدر ما تشاء، وكيفما تشاء (القديس برنردُس: عظة حول الميلاد)
ملحوظة: إن الجزء الأخير من النص السابق قد ورد بحرفيته في كتابات القديس ألبرتوس الكبير الذي عاش مائتي سنة قبل القديس برناردُس الكتب المقدسة المريمية، سفر إستير- الفصل الأو ٤. تُتلى بعد ذلك خمسة أبيات من المسبحة الوردية، ويتلو المرشد الروحي الأبيات الأول والثالث والخامس منها، وأعضاء الفرقة البيتين الثاني والرابع. وعلى كل عضو ألا يجعل صلاته صامتة، بل يتلوها بإحترام ورصانة، كما لو كانت العذراء حاضرة حضوراً محسوساً بدل التمثال الذي يمثلها.
إن التلاوة الجيدة للسلام الملائكي، تتطلب ألا تبدأ تلاوة الجزء الثاني منها حتى تنتهي تلاوة الجزء الأول، وأن يُلفَظ إسم يسوع المقدس بوقار. إن للمسبحة الوردية دوراً هاماً في حياة أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا سواء كواجب صلاة أو على سبيل التوصية، لذلك فإن كل عضو مدعو بإلحاح إلى تسجيل إسمه في أخوية الورديّة المقدّسة. (راجع الملحق رقم ويهيب البابا بولس السادس بالإحتفاظ بالمسبحة الوردية. فهي صلاة صافية. ذات محتوى إنجيلى واضح. فتُلخِص بفاعلية تاريخ الخلاص كله، وتُحقِق الغاية الهامة، فتُظهِر مريم في جميع الأدوار المختلفة التي قامت بها فى ذلك التاريخ
“بين أنواع الصلوات المختلفة، ليس هناك أسمى من تلاوة المسبحة الوردية. فهي تلخص فى ذاتها كل الإكرام الواجب لمريم. وهي الدواء لكل شرورنا. وهي أصل جميع بركاتنا
(البابا لاون الثالث عشر)
“إن الوردية المقدسة هي أجمل الصلوات كلها وأغناها بالنعم، وأكثرها مسرة لمريم العذراء الجزيلة القداسة. لذلك أُحب المسبحة الوردية، وأتلوها كل يوم بتقوى: هذه هي الوصية التي أتركها لكم لعلكم تذكرونني من خلالها
(البابا القديس بيوس العاشر)
“إن الإنجيل هو أول الكتب للمسيحيين، والوردية هي حقاً ملخص الإنجيل.” (الأب لاكوردير Lacordaire)
“ من المستحيل ألا تُستَجاب صلوات الكثيرين، إذا كانت هذه الصلوات العديدة لا تؤلف إلا صلاة واحدة وحيدة
(القديس توما الإكويني: في تفسير متى ١٨)
٥. يلي المسبحة الوردية مباشرة القراءة الروحية، يقوم بها المرشد الروحي، (في غيابه رئيس الفرقة). وتُحدَّد مدتها بخمس دقائق. وتُترك الحرية في إختيار القراءة الروحية، ولكن يُنصَح، على الأقل في السنوات الأولى للفرقة، أن تؤخذ القراءة من كتاب دليل اﻠﻠﭽيو ماريا، ليُتاح للأعضاء أن يتعوّدوا على مضمونه، ولتحفيزهم على دراسته دراسة جدية
وفي ختام القراءة، يرسم الأعضاء كلهم إشارة الصليب
“أجل، إن مريم تستحق هذه الطوبى بدون أدنى شك، لكونها أمّ يسوع بحسب الجسد “طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما”، ولأنها أيضاً، وخصوصاً، منذ اللحظة الأولى التي تلقت فيها البشارة، قبِلت كلمة الله، لأنها آمنت بها، لأنها أطاعت الله، ولأنها تحفظ هذه الكلمة “وتتأملها في قلبها” (أنظر لو١: ۳٨، ٤٥؛ ۲: ۱٩، ٥۱) وكانت أمينة لها في حياتها كلها. فيمكننا، إذاً، أن نؤكد أن الطوبى التي أطلقها يسوع لا تتنافى، بالرغم مما يبدو في الظاهر، وتلك التي أطلقتها المرأة المجهولة، بل تتلاقى وإياها في شخص الأم العذراء، وهي التي لا تسمي ذاتها إلا ‘آمة الرب
(مريم، أم الفادي، البابا الطوباوى يوحنا بولس الثاني، ١٩٨٧ - ٢٠) ٦. ثم يُقرأ محضر الإجتماع السابق، فإذا وافق عليه الأعضاء الحاضرون يوقعه الرئيس. يجب أن يكون المحضر على صورة معتدلة بين الإطالة المفرطة، والإختصار غير الكافي، ويعطى المحضر للإجتماع رقمه المسلسل الصحيح
إن أهمية المحضر مؤكد عليها في الحديث عن واجبات أمين السر. وحيث إن المحضر هو أول ما يناقَش في الإجتماع، فهو مازال يمتلك أهمية إستراتيجية. فنوعية المحضر وطريقة إلقائه، تحدّد سير كل ما يتبعه من الأعمال في الإجتماع، فإما أن يسير الإجتماع فى كل ما يلى المحضر للأفضل أو للأسوأ. فالمحضر الجيد يُشبه المثل الصالح. والمحضر الرديء يُشبه المثل السيء. ويجب التأكيد على أن المحضر، وإن إتُقِنَت صياغته وكتابته، يكون سيئاً إذا لم تُحسَن قراءته. وهذا المثل له قوّة لا تُقاوَم على الأعضاء. فهو يؤثر في كل شيء، في إنتباه الحاضرين، وفي تقاريرهم، فيكون الإجتماع ناجحاً أو غير ناجح بحسب ما يكون المحضر جيداً أو رديئاً. وتكون جودة العمل نفسه وفق ما تكون عليه جودة الإجتماع
فلينتبه أمين السر إلى ذلك عند شروعه فى ذلك العمل الخفى وهو إعداد المحضر، ولتسهر الفرقة كلها على هذه الكتابات فيعود ذلك عليها بالفاعلية.
“إنه لمخجل حقاً أن تتحقق في هذا كلمة المسيح: “أَنَّ أَبناءَ هذهِ الدُّنيا أَكثرُ فِطنَةً مع أَشباهِهِم مِن أَبْناءِ النُّور” (لو١٦: ٨). نحن ننظر بأي إجتهاد يهتمون بشؤونهم، فيقيمون غالباً ميزانية إيراداتهم ونفقاتهم، بأي إنتباه ودقة يسجلون حساباتهم، كم يحزنون لخسائرهم وكم يحثون أنفسهم على تعويضها
(البابا القديس بيوس العاشر)
٧. التعليــم الدائـــم. يُدرَج التعليــم الدائم التالي على ورقة العمل، (أو يوضع بطريقة أخرى تضمن عدم إغفاله في الوقت المناسب)، ويُلقى في الإجتماع الأول من كل شهر من قِبل الرئيس مباشرة بعد التوقيع على المحضر.
التعليم الدائم
“إن الواجب المريمى يقتضي من كل عضو في اﻠﻠﭽيو ماريا
أولاً، المواظبة والإنتظام فى حضور إجتماعات الفرقة الإسبوعية، وعلى تزويد الفرقة بتقرير كافٍ عن المهمة التي قام بها، ويُلقيه بصوت مسموع
ثانياً، تلاوة صلاة سلسلة اﻠﻠﭽيو ماريا يومياً
ثالثاً، القيام بعمل جوهري نشيط من أعمال اﻠﻠﭽيو ماريا، بروح الإيمان وبالإتحاد بمريم، بحيث يُرَى ويُخدَم من جديد شخص سيدنا يسوع المسيح، بواسطة مريم أمه، في الذين يعمل لأجلهم وفي زملائه الأعضاء
رابعاً، التحفظ المطلق لسرية كل ما دار النقاش حوله في الإجتماع، أو أطّلع عليه العضو أثناء ممارسة نشاطه كعضو في اﻠﻠﭽيو ماريا
“من خلالي، ترغب مريم أن تحب يسوع بقلب كل الذين أستطيع أن أضرمهم بالحب بعملي الرسولي وصلواتي الدائمة. فإذا جعلتُ ذاتي واحداً معها، فهي تفيض عليّ بنعمها وحبها حتى أُصبح أُشَبِه بجدول دائم الجريان يسقي بدوره سائر النفوس. فأنا أُتيح لمريم، أن تحب يسوع وتملأه فرحاً، لا بواسطة قلبي فقط، بل بواسطة القلوب التي لا تُحصى المتحدة بقلبي
(دي جيجر De Jaegher:فضيلة الثقة)
[هذا الإقتباس لا يُقرأ كجزء من التعليم الدائم]
٨. بيان أمين الصندوق. يُقدّم أمين الصندوق بياناً أسبوعياً عن وضع الفرقة المالي، ويُوضِح فيه إيرادات ونفقات الفرقة، ويُعلِن الوضع المالي الحالي.
“كثيراً ما تهلك النفوس لقلة المال، أو بكلمات أخرى لقلة الإشتراك الكافي في العمل الرسولي”
(جيمس ملت .James Mellett، C.S.Sp)
٩. إستلام تقارير الأعضاء. يلقي الأعضاء تقاريرهم شفهياً وهم جالسون، ويمكن للعضو إستخدام ملاحظات مكتوبة لمساعدته إذا لزم الأمر
لا يمكن للفرقة أن تحسب عدم قيام عضو اﻠﻠﭽيو ماريا بواجباته أمراً طبيعياً. فإذا لم يتمكن الأعضاء، لسبب مقنع من القيام بواجبهم، فعليهم (إن أمكن) أن يُقدِموا عذرهم. فإن غياب التقرير، دون أي شرح، يعطي الآخرين إنطباعاً بأن العضو متهاون في واجبه، ويترك مثلاً سيئاً عند سائر أعضاء الفرقة
فإذا كان الأعضاء يعلقون على عملهم الأهمية اللائقة به، فإن الإحتياج لتقديم الأعذار نادراً ما يظهر، وهذا حسن، لأن الغيرة والنظام يضعفان في جو تملأه الأعذار
لا يجب توجيه التقرير للرئيس وحده. ويجب الإنتباه إلى رد فعل ذهنى معين. فعندما ينخرط شخصين فى حوار جانبى مع بعضهما فإن صوتهما يضبط نفسه تلقائياً على قدر المسافة بينهما لا أكثر. وذلك يعنى أن الكلام الموجه إلى الرئيس سيسمعه بصعوبة الأعضاء الجالسين بعيداً
التقرير وكل النقاش حوله لابد أن يتم بصوت مسموع يصل لكل أركان الغرفة. فمهما كان التقرير كاملاً وصادقاً، ولم يسمعه القسم الأكبر من الحاضرين، يكون ذا تأثير محبط أسوأ من عدم تقديمه. إن التكلم بصوت خافت ليس دليلاً على التواضع أو الذوق السليم، كما يعتقد بعضهم. فمن يضاهي العذراء في إتضاعها ووداعتها؟ وهل يستطيع أحد أن يتصوّرها تتمتم بكلمات لا يستطيع حتى القريب منها أن يسمعها؟ فيا أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا! إقتدوا بمليكتكم في هذا الأمر، وفي الأمور الأخرى كلها
يجب على الرؤساء أن يرفضوا إستقبال التقارير التي تتطلب جهداً لسماعها. وعليهم أن يكونوا هم أنفسهم قدوة في ذلك. فالرئيس هو الذي يحدد نبرة الصوت لجميع الأعضاء. وعادة، يتكلم الأعضاء بصوت أخفض من صوت الرئيس. فإذا كان صوت الرئيس خافت أو ذو نبرة حوارية، فتقارير الأعضاء ستأتى كمن يهمس همساً. وبالنسبة للأعضاء، فإن الحديث بصوت مسموع عندما يتحدث الرئيس بصوت خافت، سيجعلهم يتخيلون أنفسهم يصيحون، وبالتالى سيخفضون أصواتهم لدرجة عدم الإستماع إليها. فعلى الأعضاء وكذلك الرئيس التحدث بصوت جهير. فليكن المرشد الروحي كالطبيب، فعليه أن يقدم طلبه الشخصى بوضوح الصوت لكونه عنصراً حيوياً لصحة الفرقة
للتقارير أهمية خاصة بها لا تقل عن أهمية الصلوات بالنسبة للإجتماع. فكل منها يُكمّل الآخر. وكلاهما ضروري لإجتماع الفرقة
إن التقرير يربط العمل بالفرقة، لذلك يجب أن يكون عبارة عن عرض واضح يعكس أعمال العضو- بحيوية كما في الصورة التي تُعرَض على شاشة السينما - بحيث يُتيح للأعضاء الآخرين الإشتراك عقلياً بذلك العمل الذي يُقَدَم في التقرير، ويُتيح لهم أن يحكموا ويعلِقوا عليه ويتعلموا منه دروساً. لذلك، يجب أن يُوضِح التقرير ما تم السعى له وما تم تحقيقه، وبأي روح أُنجِز، وكم لزمه من الوقت والطرق التي إستُخدِمَت لإنجازه، وما لم يتم تحقيقه، والأشخاص الذين لم يكن ممكناً الوصول إليهم
يكون إجتماع الفرقة مملوءاً بالحياة والفرح. لذلك يجب أن تكون التقارير قادرة أن تُولِد إهتماماً عند الأعضاء وتزوّدهم بالمعلومات. فمن المستحيل أن تكون الفرقة سليمة البنية إذا كان الإجتماع جامداً ميتاً، وهي قطعاً ستكون مُنفّرة للشبيبة
إن بين الأعمال أنواعاً تتضمن تفاصيل متنوعة، بحيث يسهل أن يٌقدَم عنها تقرير جيد. وهناك أنواع أخرى ليست من هذا الطراز، لذلك يجب تذكر كل التفاصيل الإستثنائية، مهما كانت صغيرة، وذكرها في التقرير
يجب ألا يكون التقرير مُفرطِاً في الإطالة، ولا أن يكون مختصراً جداً. والأهم ألا يكون ذا صورة رتيبة روتينية. فإذا وُجِدَت هذه النقائص، كان ذلك دليلاً أن العضو يخل بواجبه، وأن سائر الأعضاء أيضاً يساعدونه علي هذا التهاون. وذلك خرق لفكرة اﻠﻠﭽيو ماريا من مراقبة العمل. فالفرقة لا تستطيع أن تراقب عملاً ما لم يتوافر عنه معلومات كافية
إن عمل اﻠﻠﭽيو ماريا أحياناً شديد الصعوبة، لدرجة أن الأعضاء، إن لم يجدوا حافزاً لهم في الفحص الدقيق الذي تجريه الفرقة بشأن جهودهم، يميلون إلى التخاذل وعدم تكليف أنفسهم عناءً كبيراً. وهذا خطأ. فالأعضاء منخرطين في اﻠﻠﭽيو ماريا ليصنعوا أكثر خير ممكن. وربما تحتاج الفرقة إلى أعمالهم، بصفة خاصة في الحالات التي تُثير نفوراً طبيعياً. فمن خلال الإجتماع يمكن ممارسة الإلتزام المريمى الذى يتغلب على تلك الضعفات ويأخذ بيد العضو لإنجاز العمل. فإذا كان التقرير لا يُدلي بتفاصيل كافية عمّا يقوم به العضو، فإن الفرقة لا تستطيع أن تراقب نشاطه إلا قليلاً. ولن تحثه على العمل بشكل أفضل. ولن تُوفر له الحماية. فيكون العضو بذلك محروماً من إهتمام الفرقة وتوجيهها، مما يجعله عاجزاً عن تقديم أي شيء بدون تلك الأشياء الحيوية. وهكذا يفقد نظام اﻠﻠﭽيو ماريا قبضته على ذلك العضو مما يؤدي إلى عواقب سيئة للجميع
يجب ألا ننسى أن كل تقرير سيء يبعث في الأعضاء الميل إلى تقليده. وهكذا يكون صاحب البيان الذي ينوي خدمة اﻠﻠﭽيو ماريا قد ألحق بها ضرراً مأساوياً
لا يكتفي العضو بتقديم تقرير جيد فقط. ولِمَ لا يطمح إلى ما هو أعلى بكثير، فيُضيف إلى كمال العمل بياناً من شأنه أن يكون مثالاً لتقارير الفرقة كلها، وبذلك يُدرِب الأعضاء على القيام بالعمل، وعلى طريقة الإدلاء بتقرير عنه؟ قال أدمون بورك: “إن المَثل هو مدرسة البشر، ولا يتعلم أحد شيئاً من غيرها”. فعضو واحد مقتنع بهذه الفكرة، يستطيع أن يرفع الفرقة بكاملها إلى أعلى درجة من الفاعلية. فحتى وإن لم يكن التقرير كل شيء في الإجتماع، فهو بمقام المركز العصبي الحساس الذي يؤثر في تفاعل الفرقة فى سائر الأمور الأخرى، سواء أكان للأفضل أم للأسوأ
أشرنا أعلاه إلى أن مريم العذراء هي التي تُوحِي بالتقرير في أحد جوانبه. ولكن مجرد التفكير بها، يكون عوناً في كل الجوانب الأخرى. إن إلقاء نظرة إلى تمثالها، قبل الإدلاء بالتقرير، من شأنه أن يُثبِت هذا الفكر. ومن المؤكد أنه إذا حاول العضو عند صياغة بيانه، أن يتخيّل كيف يمكن أن تصيغه هي، فلن يُقدم تقرير ناقص من أى جانب من الجوانب
“لا يرى بعض المسيحيين في مريم أكثر من خليقة في غاية اللطف والنقاوة، بل أكثر إمرأة بلغت ذروة الحنان واللطف والوداعة فى الوجود. لذلك يُخشى ألا يكون عندهم لها إلا إكرام عاطفي فقط - أو إذا كانوا من ذوي الطباع القاسية - ألا تكون فيهم سوى عاطفة ضعيفة نحوها. فهؤلاء لم يُدرِكوا أبداً أن العذراء الحنون، والأم الوديعة، هي أيضاً المرأة القوية التي لا تُقهَر، وإنه لم يكن بين الرجال من أحرز مثل قوتها
(نوبرت Neubert: مريم في العقيدة)
١٠. تلاوة سلسلة اﻠﻠﭽيو ماريا. في وقت محدّد، تبين من خلال التجربة أن يقع في منتصف المدة تقريباً، بين توقيع المحضر وآخر الإجتماع (في إجتماع يدوم عادة ساعة ونصف، تُتلى هذه الصلوات بعد ساعة تقريباً من إفتتاح الإجتماع)، تُتلى سلسلة اﻠﻠﭽيو ماريا (راجع الفصل ٢٢، صلوات اﻠﻠﭽيو ماريا) من قِبل الجميع وقوفاً.
يتلو الجميع الإنتيفونة (من هذه المشرفة ...): ثم آيات نشيد العذراء “تعظم نفسي الرب”، بالتناوب بين المرشد الروحي (أو الرئيس في حال غياب المرشد)، وسائر الأعضاء: أما الصلاة فيتلوها المرشد الروحي (أو الرئيس) وحده
لا تُرسَم إشارة الصليب قبل السلسلة. ولكن تُرسم من قِبل الجميع عند المقطع الأول من نشيد العذراء (تعظم نفسي الرب). ولا تُرسم بعد الصلاة حيث تبدأ مباشرة الخطبة أو كلمة الإرشاد (Allocutio)
لا يوجد في اﻠﻠﭽيو ماريا أجمل من تلاوة هذه السلسة في الجماعة المتحدة. فسواء كانت الفرقة غارقة في الفرح أو في خيبة الأمل، أو تتخبّط بضجر في طريق الروتين، تأتي هذه الصلوات كنسيم من السماء، مُشبَع كله بعبيرها الذى هو الزنابق والورود، ويُنعِش الحاضرين ويُبهِجهم بنوع عجيب. وليس هذا الكلام مجرد وصف أنيق، بل هو حقيقة يُدركها كل عضو فى اﻠﻠﭽيو ماريا
“إذا كنت ألح في التأكيد على نشيد العذراء “تعظم نفسي الرب”، فذلك لأنه يبدو لي بشكل ما، أن الكثيرين قد لا يُدرِكون وثيقة ذات أهمية كبيرة بشأن أمومة مريم، أمومة النعمة. فإن العذراء الجزيلة القداسة، لإرتباطها، كما نعلم، بالمسيح منذ البشارة، تعلن ذاتها ممثلة الجنس البشري بأسره، وعلى إرتباط وثيق “بجميع الأجيال”، ومتحدة بمصير أولئك الذين هم خاصتها إتحاداً وثيقاً. فنشيدها هو نشيد أمومتها الروحية
(برنارد الدومينيكي .Bernard، O.P: سر مريم)
“إن نشيد مريم “تعظم نفسي الرب” هو صلاة مريم بإمتياز، وهو نشيد الأزمنة المسيحية التي يمتزج فيها فرح إسرائيل القديم والجديد. وكما يقترح القديس ايريناوس، ففي أنشودة مريم سُمِعَ إبتهاج إبراهيم مرة أخرى (أنظر يو٨: ٥٦) الذي تنبأ بالمسيح، وهناك يُدوي صوت الكنيسة في إنتظار نبوي... وفي واقع الأمر، فإن ترنيمة مريم قد إنتشرت بشكل كبير حيث أصبحت صلاة الكنيسة بأجمعها في كل الأزمان
(تنظيم وتطوير تكريم العذراء المباركة مريم، البابا بولس السادس، ١٩٧٤ - ١٨)
١١. كلمة الإرشاد* (Allocutio). يجلس الأعضاء بعد الصلاة، فيوجه المرشد الروحي إليهم كلمة قصيرة. عدا بعض الأحوال الخاصة، تأخذ هذه الخطبة هيئة تعليق على دليل اﻠﻠﭽيو ماريا، بغرض أن يكون الأعضاء على ألفة ومعرفة تامة بكل نقطة داخل الدليل. ويُلاقِي هذا الإرشاد تقديراً كبيراً، وسيلعب دوراً شديد الأهمية في نمو الأعضاء وكمالهم. لأن الفرقة مسؤولة عن أعضائها، وقد يكون من الظلم تجاههم وتجاه اﻠﻠﭽيو ماريا أيضاً ألا يتم إطلاق إمكانياتهم كلها. ولكى يتم ذلك، من الضروري أن يتلقى الأعضاء معرفة تامة بمنظمتهم. إن دراسة هذا الدليل ستساعد كثيراً على تحقيق ذلك، ولكن لا يمكن أن تقوم دراسة الدليل مقام كلمة الإرشاد. وقد يظن أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا أنهم درسوا الدليل لأنهم قاموا بقراءته مرتين أو ثلاثة بإنتباه. إلا أن قراءته عشر مرات أو عشرين مرة غير كافية لتزويد العضو بالمعرفة التي ترغبها اﻠﻠﭽيو ماريا. ولا تُنال هذه المعرفة إلا إذا كان الدليل يُفسَر للأعضاء تفسيراً شفهياً منتظماً، يتسع بإسهاب إسبوعاً بعد آخر وسنة بعد أخرى، حتى يألف كل عضو ألفة تامة كل فكرة يتضمنها هذا الدليل
أما في حال غياب المرشد الروحي، فتُلقى كلمة الإرشاد من قِبل الرئيس أو من يُعيّنه من الأعضاء. ونعيد التأكيد بأن قراءة بضع فقرات من الدليل أو أي وثيقة أخرى، لا يمكن أن تقوم مقام كلمة الإرشاد التي تدوم خمس دقائق لا أكثر
إن الفَرق بين فرقة تتم فيها كلمة الإرشاد بإتقان وفرقة أخرى يُهمَل فيها، هو الَفرق بين جيش مُدرَب وآخر ينقصه التدريب
“يُخيل إليّ منذ زمن بعيد، أن العالم يذهب بسرعة من سيء إلى أسوأ، ولم يبق لله تأثير في قلوب الناس، فهو ينتظر بتلهف شديد أشياء عظيمة من أولئك الذين ما زالوا أمناء على خدمته. فقد يكون غير قادر أن يجمع تحت لوائه جيشاً عظيماً، لكنه يريد أن يكون كل المنضمين إليه إبطالاً محبين ومكرَسين له بشكل مطلق. فلو كان بإمكاننا فقط أن ندخل في نطاق تلك النفوس السخية، فإني على ثقة من أنه لن يتوان عن إعطائنا جميع النعم، ليساعد ويدفع إلى الأمام العمل العزيز جداً على قلبه. والذي هو عمل تقديسنا الشخصي
(المونسينيور ألفريد أورايلي Alfred O'Rahilly: في سيرة الأب وليم دويل)
١٢. وعند الإنتهاء من سماع الإرشاد، يرسم الحاضرون إشارة الصليب. ثم يتواصل سماع تقارير الأعضاء ومعالجة سائر الشؤون
“إن الحقيقة التاريخية هى أن حديث سيدتنا مريم العذراء، حديث إمرأة تمتلك دقة إستثنائية. ميولها الطبيعية جعلت منها شاعرة بسهولة. فعندما كانت تتكلم، تتقاطر كلماتها كسيل من الشعر. وعباراتها مزينة بأنواع الإستعارات اللغوية التي يألفها أرباب الكلام
(لورد Lord: سيدتنا مريم العذراء في العالم العصري)
تابع قراءة الفصل تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح