فرانك داف
 ولد فرانك داف في 7 يونيه 1889م في عائلة أيرلندية تقية، وهو الابن الأكبر من سبعة أطفال لجون داف وسوزان فريهل، والده وأمه كانا من موظفي الخدمة المدنية في بريطانيا - التي كانت قبل عام 1922م – وكلاهما كان شديد الذكاء. وتعمد وعمره يومان باسم فرنسيس ميشيل، وكان ذلك يوم عيد العنصرة مما يجعلنا نفهم الأهمية التي اتخذها الروح القدس في حياة هذا الطفل.
التحق في صغره بمدرسة الراهبات "دامس سكول" ثم انتقل إلى مدرسة الآباء اليسوعيين، والتحق اخيرًا بأشهر مدارس أيرلندا "بلاكروك كولدج".
وفي مدرسة بلاك روك في دبلن كان فرانك طالبًا ممتازًا، وقد اعتاد الحصول على المرتبة الأولى، وبرع في اللغات والآداب الحديثة وهذا يفسر لماذا إمتلك تلك المجموعة الكبيرة من كتب اللاهوت ضمن مكتبته باللغات الإنجليزية، واللاتينية، والفرنسية (لا تزال هذه المكتبة بمنزله في دبلن بجوار مجلسالقيادة العامة).
 وعلى الرغم من أن فرانك لم يكن يهوى الرياضيات في فترة الدراسة بالمدرسة، إلا إنه قرر دراستها دراسه وافية بعد تركه للمدرسة؛ حتى إنه استطاع ابتكار طرق جديدة في التفاضل والتكامل والتي تم إرسالها للخزانة في لندن لما أظهرته من تحسين للكفاءة في العمل. وكان يهوى إلى جانب اللغات وقراءة الكتب، ركوب الدراجات، وممارسة كرة القدم، كان فرانك رجل رياضي جيد، لكنه كان خجولاً عند التمثيل أو عند أي شكل من أشكال الخطابة. ولكنه من سوء الحظ في هذه الفترة إنه تعرض لقذيفة لكرة الكريكيت إصطدمت بخلف أذنه مما أضعف سمعه لبقية حياته، فكانت كصليب ثقيل له.
لم تخلو حياة فرانك من بعض الأحزان، فخلال السنوات التي قضاها بالمدرسة أصيب فرانك ووالده بالتيفود، وقد تعافى فرانك ولكن والده أجبر على الانسحاب من الخدمة المدنية وهو في عمر الـ42 نتيجة لإعتلال صحته، وذلك عن طريق المعاش التقاعدي الجزئي، أما سوزان والدته كانت قد سبق وتركت العمل للعناية بالأسرة، وهكذا أصبح فرانك العائل للأسرة ، في سن ال 19 أتم فرانك داف دراسته الثانوية والتحق بالعمل التابع للحكومة، ووكلت إليه مسئوليات عديدة في وزارة الزراعة، ثم التحق بوزارة الماليةوقد فقد أختان له أثناء طفولتهما، أما شقيقتاه الأخرتان – واللتان كان فرانك يعولهما – فقد درسا وأصبحا طبيبتان، أحداهما مرضت جداً واستلزمها البقاء مع الأسرة في البيت، ولكن سرعان ما أصبح الأخ داف رجلاً مرموقاً في الخدمة المدنية حيث كان له فكر ثاقب، واحساس قوي بالالتزام، وحس فكاهي عالي. كانت القراءة الروحية جزءًا هامًا من حياته اليومية وقد رافق هذه القراءات إنتظام في الإعترافات والتويجهات الروحية، وفي أثناء فترة عمله تعود أن يجعل الراحة المخصصة لوجبة الغداء ساعة المقدسة، وطوال هذا الوقت كان تحت إشراف قس يسوعي بأسم الأب / مايكل براون.
وفي عام 1913م قرر فرانك داف أن يصلي صلوات الكهنة اليومية التي كانت تدوم أكثر من ساعة ونصف، ولم يتوان يومًا ما في تلاوة فروضه اليومية، وفي نفس العام حضر فرانك أول رياضة روحية مغلقة مع حزب الشعب السويسري، وكان بالغ التأثر بها. ومن ثَم نظم هو رياضتين كل عام، وأقام الرياضة السنوية في جبل ميلاري كل سنة لمدة 48 عاماً حتى لم يعد قادراً على القيام بهذه الرحلة.
في عام 1914م قام بزيارته المقدسة الأولى لمنطقة معروفة باسم مطهر القديس باتريك، وهى زيارة تكفير وتوبة تستمر ثلاثة أيام، واستمر على هذا الحال 49 سنة حتى منعه المرض من ذلك. انجذابه للعمل الرسولي ورأى فرانك الفقر الشديد في دبلن فالناس في فقر مدقع، وأماكن معيشتهم غير ملائمة، ويحاربون من أجل القليل الذي يقتاتون به، وكان من الطبيعي أن يترك الفقر بعض آثاره؛ فانتشرت أعمال الدعارة وشرب الخمر في كل دبلن، وكان هناك تدني عام على المستوى الأخلاقي.
وذات يوم وجه أحد أصدقاء فرانك اهتمامه نحو جمعية مار منصور، وأعضاؤها من الرجال الذين يمارسون أعمال الرحمة تجاه المحتاجين، ويجتمعون في منزل يدعى "ميرا هاوس في شارع فرنسيس بدبلن". اندمج فرانك معهم وأصبح من أكثر الأعضاء حيوية ونشاط. وانتشر في أيرلندا نشاط الرواد وهى مجموعة من الرجال حبًا في المسيح وتعويضا عن الأثام المنتشرة في أيرلندا تعاهدوا على الامتناع عن تناول الخمور، وكانوا يحملون شارة على صدروهم للتعارف فيما بينهم. وظل فرانك طوال حياته أمينًا لمبدأ الرواد.
وفي عام 1916م كتب فرانك منشورًا صغيرًا بعنوان "هل يمكن أن نكون قديسين؟".وجه فيه إرشادات للعلمانيين للوصول إلى القداسة، فالجميع دون إستثناء مدعوون أن يكونوا قديسين ومن خلال إيماننا الكاثوليكي يتوفر لدينا كل الوسائل الضرورية لتحقيق هذا.
وكان فرانك يتردد في كل مساء على ميرا هاوس، وفي عام 1917م لمح ذات يوم أحد أعضاء جمعية مار منصور بيده كتاب "الاكرام الحقيقي لمريم" ومؤلفه القديس لويس ماري دي مونفور.
في أغسطس 1921م قام فرانك بقراءة الكتاب باهتمام بالغ، ثم انتشر النقاش حول هذا الكتاب بين الرواد، وقرر الأعضاء إجراء اجتماع خاص لمناقشة هذا الكتاب.
وانبهر الأعضاء بإكرام العذراء مريم، وذات يوم قدم حارس ميرا هاوس تقريرا للرواد عن الزيارة التي قام بها مع أحد أعضاء جمعية مار منصور لعنبر السيدات في مستشفى الوحدة، وتعتبر هذه الزيارة استثنائية لأن أعضاء جمعية مار منصور كانوا يزورون الرجال فقط؛ واتفق الجميع على تكوين مجموعة جديدة من المتطوعات لزيارة عنبر السيدات.
وفي 7 سبتمر عام 1921 اجتمعت المجموعة الجديدة (15 فردا ومعهم فرانك داف) واندهش الجميع من وجود هيكل للعذراء على المنضدة.
دون شك كانت مريم تنتظرهم، ولم يكن أحد من الذين حضروا حتى فرانك يعلم بالحدث الذي يبدأ هنا. نشأة اللچيو ماريا في 7 سبتمبر عام 1921 بدأ الاعضاء الصلاة باستدعاء الروح القدس، ثم صلوا صلاة المسبحة وتبادلوا الأفكار حول كيفية استمرار الاجتماع. قرر الحاضرون التجمع كل أسبوع، وأن يكون عملهم الرسولي الأول هو زيارة مستشفى الوحدة، وأن
يقوم بالعمل اثنان.
واتفق الأعضاء أن يقوموا بالزيارات مثل مريم باحثين عن وجه يسوع في الذين يزورونهم كما كانت مريم تجد وجه يسوع فيمن تخدمهم، وفي عام 1922م امتد عمل اللچيو ماريا من رسالة التواجد بجانب المرضى إلى رسالة أصعب وهى التائبات. واستطاعت اللچيو ماريا تطهير أحياء بأكملها، وتحويل الساقطات في حانات دبلن إلى تائبات، وانتشرت اللچيو ماريا في أيرلندا وفي البلدان المجاورة وبدأت تغزو القارات الخمس بفضل مرسلي اللچيو ماريا وارشادات فرانك داف مؤسسها.
في عام 1931 ذهب فرانك داف إلى روما وقابل البابا بيوس الحادي عشر، وشرح له (ما هى اللچيو ماريا، ما تتمناه، وما تحتاجه) وتوجه البابا نحو فرانك وقبله قائلاً: "هذا العمل الرسولي يأتي من عند الله"وبارك البابا حركة اللچيو ماريا الرسولية واصفًا إياها بأنها عمل رائع مقدس.
وذهب مرسلو اللچيو ماريا إلى جميع بلدان العالم ومن بينهم إديل كوين التي ساهمت في انتشار اللچيو ماريا في إفريقيا (كينيا)، والفونس لامب في أمريكا اللاتينية، وقد تابع فرانك داف مرسليه بالخطابات وداوم على نصحهم وارشادهم.
وفي عام 1965 نال فرانك داف شرف حضور جلسات المجمع الفاتيكاني الثاني كعلماني مستمع، وشرف بمقابلة قداسة البابا بولس السادس، والتقاط صورة تذكارية مع البابا ما زالت تزين جدران مجلس القيادة العامة للچيو ماريا بدبلن بأيرلندا.
وفاته
وفي 7 نوفمبرعام 1980 توفي فرانك داف عن عمر يناهز 90 عامًا، ودفن في مقبرة جلاسنوفن بدبلن، وقد وصفه مونسنيور ريبلاي المرشد الروحي للمجلس الاقليمي بليفربول بإنجلترا في عظته، أثناء قداس الصلاة على روحه الطاهرة، بهذه الكلمات:
"جميع الذين عرفوا فرانك اعتبروه قديسًا، وقبل أن تعلن الكنيسة ذلك رسميًا يجب أن يؤكد ذلك بمعجزات تنسب إلى شفاعاته، ومن الآن كثيرون ينسبون له العديد من المعجزات، ولكن المعجزة الكبرى في حياته هى بكل تأكيد اللچيو ماريا".
في يوليو عام 1996 تقدم رئيس أساقفة دبلن/ ديزموند كونيل بطلب لتطويبه. "لقد أمسكت العذراء مريم، حتى الآن، باللچيو ماريا
بين يديها ولا أظن أنها سوف تتركها تقع بعد رحيلي"
تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح