الفصل الرابع عشر
الفرقة (البريسيديوم ١. تُسمّى كل وحدة في اﻠﻠﭽيو ماريا فرقة بريسيديوم وقد إستُعمِلَت هذه الكلمة اللاتينية للإشارة إلى فرقة من الجيش الروماني التي تقوم بمهمّة خاصة، كقطعة في الخطوط العسكرية الأمامية، أو مركز محصّن، أو ثكنة. لذلك فالكلمة (بريسيديوم)، إستُعمِلَت بشكل صحيح للدلالة على فرع من فروع اﻠﻠﭽيو ماريا ٢. يتم تسمية كل فرقة بأحد ألقاب العذراء المباركة، على سبيل المثال: سيّدة الرحمة، أو أحد إمتيازاتها، مثل فرقة الحبل بلا دنس، أو إحدى مناسبات حياتها، مثل الزيارة طوبى للأسقف الذي يرى في إيبارشيته العدد الكافي من الفِرَق، وكأنها تشكل طلبة حية لمريم ٣. للفرقة السلطة على جميع أعضائها وحق مراقبة أنشطتهم. وعلى الأعضاء أن يطيعوا بإخلاص وينفذوا جميع الأوامر الشرعية الصادرة عن الفرقة ٤. ترتبط كل فرقة بمجلس القيادة العامة في اﻠﻠﭽيو ماريا (الكونشيليوم Concilium)، إمّا مباشرة وإمّا بواسطة مجلس إداري معتمد، يُعرّف لاحقاً في هذا الكتاب. بغير ذلك لا تُوجد عضوية في اﻠﻠﭽيو ماريا. وعليه فلا تنشأ أية فرقة جديدة من غير إذن رسمي من مجلسها المحلي (كوريا Curia)، فإن لم يكن المجلس المحلي، فبإذن من المجلس الأعلى منه مباشرة، وفي نهاية المطاف، اللجوء إلى مجلس القيادة العامة. يجب أن ترتبط الفرقة مباشرة بهذا الهيكل التنظيمي ٥. لا تنشأ فرقة في أية رعية بغير رضى كاهن الرعية أو رئيس الكنيسة. ويراعى دعوة أحدهما للقيام بحفل الإفتتاح ٦. على الفرقة أن تعقد إجتماعاً إسبوعياً على الطريقة المذكورة في الفصل ١٨ “ترتيب إجتماع الفرقة (البريسيديوم
وهذه القاعدة لا يمكن أن تتغيّر على وجه الإطلاق. ومراراً وتكراراً سيتم إقتراح، ولأسباب مختلفة جديرة بالإعتبار، أنه من الصعب عقد إجتماع إسبوعي. وأن إجتماعاً شهرياً أو نصف شهري سوف يفى بالغرض والجواب على هذا، أن اﻠﻠﭽيو ماريا لا تقبل في أي حال من الأحوال، أن يكون الإجتماع أقل من إسبوعي، وهي لا تمنح أياً من مجالسها السلطة في تغيير هذه القاعدة فلو كنا ننظر إلى الإجتماع على أنه تنظيم العمل الجاري، لكان الإجتماع الشهري كافياً، على الرغم من أنه يمكن الشك في ذلك إذا ما كان العمل يجري إسبوعياً بموجب القواعد المرعية. لكن الهدف الحيوي للإجتماع هو الصلاة الإسبوعية المشتركة، فلا لزوم للإشارة إلى أن هذه الغاية لا يمكن أن تتحقق بغير الإجتماع الإسبوعي فالإجتماع الإسبوعى قد يستدعي بعض التضحيات. فإذا كانت اﻠﻠﭽيو ماريا لا تستطيع أن تطلب مثل هذه التضحيات بثقة، فأين هو الأساس الذي تُبني عليه نظامها؟ ٧. يجب أن يكون لكل فرقة كاهن كمرشد روحي لها. ويجب أن يكون لها أيضاً رئيس ونائب رئيس وأمين سر وأمين صندوق هؤلاء هم ضباط الفرقة وممثلوها في المجلس المحلي. وسيأتي ذكر واجباتهم في الفصل ٣٤، لكنّ واجبهم الأول أن يقوموا بعملهم وواجباتهم العادية التي تفرضها عليهم عضويتهم، بحيث يكونون قدوة لسائر الأعضاء ٨. يقدم الضباط تقريراً إلى فرقهم عن كل إجتماع للمجلس المحلي، وبذلك يكون الأعضاء على علم بإجراءات المجلس المحلي ٩. يُعيَّن المرشد الروحي في منصبه من قِبل كاهن الرعية أو الرئيس الكنسي. وتمتد خدمته في هذا المنصب وفقاً لرغبتهم ويمكن أن يقوم المرشد الروحي بإرشاد أكثر من فرقة وإذا كان المرشد الروحي لا يستطيع حضور إجتماعات الفرقة، فيمكنه أن يُعَيِن كاهناً آخر أو راهباً، أو في ظروف خاصة، عضواً مريمياً مؤهلاً (يُدعى آنذاك محامي الشعب Tribune) ليقوم مقامه
وعلى الرغم من ضرورة إعلام المرشد الروحي بموعد الإجتماعات، إلا أن تخلفه عن حضورها لا يجعلها تفقد شرعيتها للمرشد الروحي وظيفة ضابط في الفرقة، وعليه أن يساند كل سلطة مريمية شرعية ١٠. للمرشد الروحي سلطة حاسمة في جميع الشؤون الدينية أو الأدبية التي تُعرَض في إجتماعات الفرقة. وله أيضاً حق التوقيف المؤقت لكل الإجراءات الخاصة بالفرقة، بهدف الحصول على قرار حاسم من كاهن الرعية أو الرئيس الكنسي. “إن حق الفيتو هذا سلاح ضروري. ولكن، كأي سلاح آخر، من المهم أن يُستَخَدم بكل فطنة وتحفظ وإلا أصبح محركاً للدمار لا أداة للحماية. ولا ضرورة لإستعماله في المنظمة حسنة التنظيم والإدارة” (شيفاردي Civardi: دليل العمل الكاثوليكي) ١١. يُعَين ضباط الفرقة، بإستثناء المرشد الروحي، من قِبل المجلس المحلي. وإذا لم يكن هناك مجلس محلي، فيُعَين الضباط من قِبل الجهاز الإداري الأعلى من المحلي من المستحسن تجنب الجدال حول جدارة الضباط المرشَحين، إذ قد يكون بعضهم حاضراً. فإذا ما أصبح منصب شاغراً في أحد مناصب الضباط، جرت العادة بأن يقوم رئيس المجلس المحلي، بعد بحث جدي دقيق (ولا سيما مع المرشد الروحي للفرقة ذات الشأن)، وفي توجه لإختيار أنسب الأشخاص لملء المكان الشاغر، بتقديم أحد الأسماء إلى المجلس المحلي. وإذا رأى المجلس أن الشخص مناسب فإنه يقوم بتعيينه ١٢. يكون تعيين الضباط أياً كانوا (ما عدا المرشد الروحي) لدورة مُدّتها ثلاث سنوات قابلة للتجديد لثلاث سنوات أخرى، أي ست سنوات في مجملها. وعند إنتهاء مدّة الخدمة في المنصب، لا يمكن للضابط أن يستمر في القيام بواجباته إذا إنتُدِبَ أحد الضباط لوظيفة أخرى، أو لوظيفة مماثلة في فرقة أخرى، يُحسَب ذلك تعييناً جديداً.
ويمكن للضابط أن يعود إلى منصبه السابق في الفرقة الأولى نفسها، بعد إنقطاعه عنه مدة ثلاث سنوات أمّا الضابط الذي يترك مسؤوليته لأيّ سبب كان، فلا يكمل دورة السنوات الثلاث، يُعتَبر وكأنه أكمل الدورة في التاريخ الذي يترك فيه منصبه. وبالتالي فإن القاعدة العادية التي تحكم تجديد المنصب تطبق، أي (أ) إذا كانت الدورة الأولى قيد السؤال، فإنه يمكن، خلال مدة الصلاحية، أن يُعاد تعيينه لدورة أخرى في المنصب نفسه، (ب) وإذا ما كانت دورة السنوات الثلاث الثانية قيد السؤال، فيجب أن تمر مدّة ثلاث سنوات أخرى من تاريخ تركه لمنصبه، حتى يُعاد تعيينه للمنصب ذاته “إن القرار في مسألة إشغال منصب ما، يجب أن يرتكز على مبدأ عام. إن الخطر الذي يجب التنبه له دوماً من البداية للنهاية في أي منظمة - ولا سيما المنظمات الدينية المبنية على التطوّع - هو أن تُصاب المنظمة ذاتها أو أي من أجزائها بالتحجّر. إن هذا الخطر لحقيقي. فمن مظاهر الطبيعة البشرية تضاؤل الحماسة، وزحف روح من الرتابة، وإصابة الأساليب بالنمطية، في الوقت الذي تبقى فيه الأضرار التى يجب مواجهتها متغيرة بإستمرار إن عملية التدهور هذه تنتهي بالأعمال غير الفعالة، واللامبالاة، فتُصبح المنظمة عاجزة عن جذب أعضاء إليها، أو أن تحتفظ بين صفوفها بأفضل العناصر المرغوبة من الأعضاء. فتبزغ حالة من الموت الجزئى. لذا يجب حماية اﻠﻠﭽيو ماريا من هذا المصير وبأى ثمن. فلا بدّ من أن نضمن تفجراً دائماً للحماسة في كل مجالسها وفرقها. ومن الواضح أن العناية يجب أن توجه قبل كل شيء إلى الضباط كمصادر طبيعية للإندفاع والغيرة. فيجب أن يبقوا دائماً في قوّة حماستهم الأولى. وأقرب سبيل إلى ذلك هو تبديلهم في وظائفهم. فإذا فشل الضباط فإن كل شىء يذبل وإن هم فقدوا نار حماستهم، تفتر الفِرَق التي يتعهدونها هي أيضاً. وهناك شر أعظم من كل ذلك، وهو إكتفاء الأعضاء بالحالة التي وصلوا إليها وإعتادوا عليها، عندئذ لا يبقى من دواء ينفع ما لم يأت من الخارج. نظرياً، إن مثل هذا العلاج يكمن في قاعدة تضمن تجديداً دورياً لمدة الخدمة في منصب ما. لكن عملياً، يبقى ذلك غير فعال، لأن الجهاز الإداري غالباً ما يفشل في ضمان عملية التغيير، وما يقوم به فعلياً هو أنه يمنح تمديداً تلقائياً آخر لذا يبدو أن المسار الوحيد المضمون يكمن في نظام تغيير للضباط، بغض النظر عن الجدارة أو أى ملابسات أخرى. والطريقة المتبعة في الرهبانيات لهي قدوة يمكن ﻠﻠﭽيو ماريا أن تُشكل بها ممارستها، أي بحصر مدّة الخدمة في أيّ منصب في ست سنوات، خاضعة للمتطلب الذي ينص على ضرورة التجديد، بعد مرور السنوات الثلاث الأولى.”قرار اﻠﻠﭽيو ماريا بتحديد مدة خدمة الضباط ١٣. كان نابليون يقول: “لا يوجد في الجيش جنود أردياء، هناك فقط ضباط أردياء”. وهذا أسلوب لاذع للدلالة على أن الجنود سيكونون مثلما يجعلهم ضباطهم. وأعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا، أيضاً، لن يرتقوا فوق معايير الروح والعمل التي يحدّدها ضباطهم. لذا يجب أن يكون هؤلاء الضباط من أجدر الأشخاص. وإذا العامل يستحق أجره، فعضو اﻠﻠﭽيو ماريا، يستحق بلا شك، أن يكون قادته ذوي كفاءة إن تعيين سلسلة من أجدر الضباط يعني أن صفات الفرقة تأخذ في التحسن الدائم. لأن كل ضابط جديد، لا يكتفي بأن يحافظ بغيرة على مستوى الفرقة من الهبوط، بل يسعى إلى أن يضيف إليها مساهتمه وقيمه الخاصة التي تُصبح بعدها جزءاً من نسيج الفرقة ١٤. إن تعيين الرئيس أمر يجلب تفكيراً قلقاً. لأن أي خطأ في هذا الشأن يؤدي إلى خراب الفرقة. ومن الضروري ألا يتم إختيار الرئيس، إلا بعد إستعراض جميع المرشَحين في ضوء الشروط المطلوبة، والتي سيأتي ذكرها فيما بعد في الفصل ٣٤، القسم ٢ حول الرئيس. أما المرشَحون المشكوك في إنطباق الشروط المطلوبة عليهم، فيجب ألا يقع الإختيار عليهم مهما كلف الأمر، ومهما سمت إستحقاقاتهم وصفاتهم من جوانب أخرى ١٥. على المجلس المحلي الذي يسعى إلى إعادة تنظيم فرقة ذات خلل ما، أن يُغيّر رئيسها، إلا إذا كانت هناك أسباب خاصة تدعو إلى إتخاذ غير هذا الإجراء. ففي أغلب الأحوال يكون التراجع وإنخفاض مستوى الفرقة ناتجاً عن إهمال الرئيس أو عدم كفاءته للقيادة ١٦. خلال مدّة الإختبار يستطيع عضو اﻠﻠﭽيو ماريا أن يتسلم منصباً تنفيذياً بالإنابة أو مؤقتاً كضابط في فرقة البالغين. وإذا لم يُسحَب هذا المنصب بعد إنقضاء مدّة الإختبار، يُصبِح منصباً دائماً، والوقت الذي قضاه في الخدمة يُحسب من أصل دورة السنوات الثلاث التي ورد ذكرها أعلاه ١٧. لا يمكن لأيّ عضو أن يترك الفرقة للإنضمام إلى فرقة أخرى دون الحصول على موافقة رئيس الفرقة الأولى. أما القبول في الفرقة الجديدة، فيكون بموجب القوانين والقواعد المحددة لقبول الأعضاء الجدد، بإستثناء فترة الإختبار التي يمكن الإعفاء منها. أما بالنسبة لطلب السماح بتغيير الفرقة، فيجب ألا يتم رفضه بدون تبرير منطقى. أما إذا ما إستدعى الحال فيُرفَع الأمر للمجلس المحلي ١٨. لرئيس الفرقة، بعد إستشارة ضباطها، السلطة بأن يوقف عن العمل أي عضو في الفرقة لأية أسباب يرونها كافية. وليس عليهم أن يؤدوا عن ذلك حساباً إلى الفرقة ١٩. للمجلس المحلي (كوريا) السلطة أن يفصل أو يوقف عن العمل أي عضو في أية فرقة. ويحق لهذا العضو أن يتظلم للجهاز الإداري الأعلى من المجلس المحلي. ويكون حكم هذا الجهاز نهائياً وغير قابل للإستئناف ٢٠. كل خلاف ينشأ بين الفِرَق بشأن توزيع الأعمال يحسمه المجلس المحلي ٢١. من واجبات الفرقة الأساسية أن تنشىء وتحفظ حولها كياناً قوياً من الأعضاء المساعدين
أنظر إلى فرقة من الجنود المنظمين، البسلاء، الحسنة الإدارة، والمسلحة تسليحاً كاملاً، ألا يُخيل إليك أنها قوة لا تقاوم؟ ولكن، تلك الفرقة من الجنود بذاتها لا يمكن أن تكون فاعلة مدّة طويلة. فإنها من يوم إلى آخر، تحتاج إلى أن تسندها جماعة من العمال تُزوّدها بالعتاد، والطعام، واللباس والإسعافات الطبية. وإذا ما قُطعت عنها هذه الخدمات، ما الحال الذي ستؤول إليه تلك الصفوة من الرجال بعد بضعة أيام من القتال فالأعضاء المساعدون هم للفرقة (البريسيديوم)، مثل جماعة الداعمين بالنسبة لفرقة الجنود. إن الأعضاء المساعدين هم جزء من النظام. وبدونهم تكون الفرقة ناقصة
أما الطريقة السليمة للتواصل مع الأعضاء المساعدين، فهي الإتصال الشخصي والمباشر معهم. وإن إصدار النشرات الدورية وحده لا يكفي للقيام بهذا الواجب المهم ٢٢. إن كل جيش يهتم بمستقبله من خلال إنشاء مدارس تدريب عسكرية. كذلك، يجب أن يكون إنشاء فرقة الأشبال جزءاً ضرورياً من نظام كل فرقة من فِرَق البالغين: ويجب أن يُعَيَن عضوان من فرقة البالغين كضابطين في فرقة الأشبال. ولما كان تدريب الأشبال يقتضي بعض صفات خاصة، لذلك فلا يكون كل عضو من البالغين أهلاً للقيام بهذه الوظيفة التدريبية. لذا يجب إختيار ضابطين لفرقة الأشبال بعناية. وأن قيامهما بهذه المهمة يقوم مقام العمل الواجب عليهما أداؤه في فرقتهما الأصلية. وهما يمثلان فرقة الأشبال في المجلس المحلي أو في مجلس الأشبال إذا كان هناك مثل هذا المجلس أما وظيفة الضابطين الآخرين فيقوم بها إثنان من الأشبال. وبهذا فهما يحصلان على تدريب رائع في تحمل المسؤولية. ويمثل الضابطان الشبلان الفرقة في مجلس الأشبال المحلي. ولا يمكن للأشبال أن يكونوا أعضاء في المجلس المحلي لفِرَق البالغين. “إن أشعة الشمس كثيرة، لكن النور واحد. وكثيرة هي أغصان الشجرة، لكن الجذع واحد، وهو ثابت بقوة في جذور لا تتزعزع”
(القديس قبريانُس: في وحدة الكنيسة) (praesidium
تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح