الفصل الحادى عشر
منهاج اللچيو ماريا ١. تقديس الذات: الهدف والوسائل إن الوسائل العامة والجوهرية التي تتخذها اﻠﻠﭽيو ماريا لبلوغ غايتها، إنما هي تأدية خدمة شخصية، تمارس تحت تأثير الروح القدس، ونعمة الله هي مبدأها المحرك وسندها، ومجد الله وخلاص النفوس غايتها الأخيرة وهدفها
لذلك، فإن قداسة الحياة التي تسعى اﻠﻠﭽيو ماريا لأن ترتقى بها في الأعضاء هو أيضاً وسيلتها الأساسية للعمل. “أَنا الكَرْمةُ وأَنتُمُ الأَغصان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي يُثمِرُ ثَمَراً كثيراً لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئا.” يو١٥: ٥ “إن الكنيسة التي يفسّر المجمع المقدس سرّها هي، في نظر الإيمان، مقدّسة بلا عيب. ذلك بأن المسيح، إبن الله، الذي مع الآب والروح يُناجى بـ القدوس الأوحد”، قد أحبّ الكنيسة كعروس له، وأسلم نفسه لأجلها ليقدسها (أنظر أف٥ :٢٥-٢٦)، وإتحد بها جسداً له، وغمرها بموهبة الروح القدس لمجد الله. ومن ثم فالجميع في الكنيسة، سواء كانوا من درجة السلطة الكهنوتية أم من الذين ترعاهم، مدعوون إلى القداسة على حد قول الرسول: “إِنَّ مَشيئَةَ اللهِ إِنَّما هي تَقْديسُكم” (١ تس٤: ٣، أنظر أف١: ٤). وقداسة الكنيسة هذه تتجلى على الدوام، ويجب أن تتجلى، بثمار النعمة التي يفيضها الروح في المؤمنين. إنها تظهر بوجوه شتى في كل واحد مِن الذين يصبون إلى المحبّة الكاملة في نهج حياتهم الخاص، وبذلك يساعدوا الآخرين أن ينموا فى القداسة، وتتجلى بوجه مميّز في ممارسة المشورات التي يُطلق عليها بصورة إعتيادية “إنجيلية.” وهذه الممارسة للمشورات التي ينتهجها، بدافع الروح القدس، عدد كبير من المسيحيين، إما بفعل فردي، وإما في وضع أو حالة تقرّهما الكنيسة، تُعطى بل ويجب أن تُعطى شهادة نيّرة ومثالاً لهذه القداسة.” (دستور عقائدي حول الكنيسة -٣٩) ٢. نظام بالغ الترتيب إن قوى الطبيعة تتبدّد، ما لم تُحصَر ويُنَظَم إستغلالها، كذلك الغيرة غير المنظمة والنشاط غير المُوَجَّه، لا يأتى أبداً بنتائج كبيرة سواء داخلية أو خارجية، وغالباً لا يدومان. لذلك، تُقَدِم اﻠﻠﭽيو ماريا طريقة حياة لأعضائها قبل أن تُقَدِم لهم عملاً يحققونه. فهي تُقَدِم نظاماً بالغ الترتيب، يفرض على جميع الأعضاء كثيراً من الواجبات، التي قد تكتفي منظمات أخرى بأن تقدّمها لأعضائها كنصائح أو تُترك للفهم. كما يتضمن النظام روح تدقيق لمراقبة كل تفصيلة من تفاصيل العمل. وفي مقابل ذلك، تعد اﻠﻠﭽيو ماريا، بالمثابرة ونمو واضح فى فضائل الكمال المسيحي، وهي: الإيمان، ومحبّة مريم، والشجاعة، وبذل الذات، والأخوّة، وروح الصلاة، والفطنة، والصبر، والطاعة، والتواضع، والفرح، والروح الرسولية. “من المظاهر الخاصة بعصرنا الحديث إنتشار ونمو ما يسمّى “رسالة العلمانيين”. فبغض النظر عن عدد المهتمين بمزاولتها، نرى كم لها من إمكانيات كامنة غير محدودة. ومع ذلك، فالتدابير التي إتُخِذَت لإستثمارها إستثماراً كاملاً تبدو غير كافية. والفرق واضح بين الرهبانيات الكثيرة المنظمة تنظيماً عظيماً لسد حاجات الذين يتركون العالم، وبين المنظمات العلمانية التي تُعدّ كافية لسد حاجات أولئك الباقين في العالم. ففي الرهبانيات خبرة واسعة ودقيقة للإستفادة من كل فرد إستفادة كاملة، أما في المنظمات العلمانية، ويا للأسف، فالتدابير أولية وسطحية وقليلة. لا شك أن اﻠﻠﭽيو ماريا تطلب من أعضائها شيئاً من التفاني والخدمة. إلا أن تلك الخدمة ليست بالنسبة للأغلبية سوى تسلية أسبوعية بسيطة، ولا يبدو أن المنظمة تطمع في ما هو أكثر من ذلك، في حين يجب أن تقودها عقيدة أكثر رسوخاً في مهمّتها. فيجب أن تكون عصباً للحياة الروحية لكل أعضائها، وعكازاً يرتكز عليه في حياته
مما لا شك فيه، أن الرهبانيات يجب أن تكون مثالاً للعلمانيين في عملهم المشترك، والتساوى فى أمور أخرى، وليس من التهوّر في شيء أن نعلن أن أعمال العلمانيين تنمو وتزداد كمالاً بقدر ما تقترب من الطرق التي يمارسها الرهبان في حياتهم. ولكن في هذا العرض، يتضح أمر لا بد من التطرق إليه، وهو صعوبة تحديد المدى الصحيح للقانون الممكن فرضه على العلمانيين، فمهما كان النظام مستحباً للحصول على عمل مرتب، فإنه يُخشى أن يُبَالَغ في فرض هذا النظام، فتفقد المنظمة شيئاً من جاذبيتها، يجب ألا ننسى أن منظمتنا علمانية دائماً. وليست رهبنة جديدة، أو يمكن أن تتحوّل إلى رهبنة، مثل ما حدث لبعض المنظمات في مجرى التاريخ
هذا هو الهدف - ولا هدف سواه - وهو أن ندعو إلى تنظيم فعال، أشخاص يعيشون حياتهم كما نعرفها، ولهم أذواقهم الخاصة ومشاغلهم المتنوّعة - وليست دينية كلها، ويجب أن نراعيها. فإذا كان هناك نظام يُفرَض، فلا يجب أن يتجاوز ما يقبله الأشخاص العاديين من الفئة المدعوة للدخول في المنظمة، كما أنّه لا يجوز أن يكون أقل من ذلك.
الأب ميشيل كريدون Michael Creedon
المرشد الروحي الأول للقيادة العامة ﻠﻠﭽيو ماريا ٣. كمال العضوية ترغب اﻠﻠﭽيو ماريا في أن يُقاس كمال العضوية تبعاً للأمانة في إتّباع منهج المنظمة بكل دقة، وليس تبعاً لأى رضا أو نجاح ملحوظ قد يصاحب جهود الأعضاء. فالعضو هو عضو بقدر ما يُخضِع ذاته لنظام اﻠﻠﭽيو ماريا لا أكثر
فيُرجى من المرشدين الروحيين، ورؤساء الفِرَق أن يُذَكّروا أعضائهم دائماً بهذا المبدأ الذي يُشكِل هدفاً مثالياً، يمكن للجميع أن يبلغوه (بخلاف النجاح في العمل وما يرافقه من تعزيات). وفى تحقيق هذا المبدأ سيكون هناك العلاج الوحيد للرتابة، وللعمل المُنفر، وللفشل الحقيقي أو المتوهم، وخلافاً لذلك فإن أعظم بدايات مبشرة في العمل الرسولي سوف تنتهى إلى نهاية حتمية “يجب الإنتباه إلى أن الخدمة التي نؤديها إلى جمعية مريم، لا تُقاس بأهمية المنصب الذي نشغله فيها، بل بالتفاني الفائق الطبيعة والغيرة المريمية التى بها نُكَرِس ذواتنا للواجب الموكل إلينا بإسم الطاعة مهما كان وضيعاً أو خفياً.
(مقتطفات صغيرة من اللاهوت المريمي Petit Traité de Marialogie: Marianiste) ٤. الواجب الأول إن أول ما يأتي في نظام اﻠﻠﭽيو ماريا، والفرض الأول الذى تُلزم به اﻠﻠﭽيو ماريا كل عضو فيها، هو واجب حضور الإجتماعات. فهذه الإجتماعات هي بالنسبة للأعضاء كالعدسة أمام أشعة الشمس. حيث تجمع البؤرة الأشعة، وتُشعل النار وتبعث الدفء في كل ما يأتي بالقرب منها. فالإجتماعات هي التي تصنع اﻠﻠﭽيو ماريا. فهي همزة الوصل بين الأعضاء، فإذا إنفكت تلك الرابطة، أو لم تُعطَ حق قدرها، تشتت الأعضاء وإنهار العمل. وبعكس ذلك، كلما إزداد إحترام الإجتماع، إزدادت معه قوة المنظمة إن ما سنقدّمه هنا، ممّا كُتِبَ في السنوات الأولى من حياة اﻠﻠﭽيو ماريا، إنما يُمثل اليوم، كما كان في الماضي، شكل اﻠﻠﭽيو الذي لم يتغير فيما يخص التنظيم، وبالتالى فيما يتعلق بأهمية الإجتماعات التي هي البؤرة المركزية في هذه المنظمة “في المنظمة يقبل الأفراد، مهما كانت مكانتهم البارزة، القيام بدور التروس المسنّنة. التي تتخلى عن جزء كبير من حريتها للآلة، أي لمجموع المشتركين معها، فيزداد الإنتاج مائة ضعف. وهكذا فإن كثيراً من الأفراد الذين كان من الممكن أن يكونوا غير فاعلين، أو كانوا يعملون بأقل من المستوى المطلوب، قد فُعَّلوا ليشتركوا في الحركة العامة - وكل منهم يعمل بعد ذلك لا بقواه الشخصية الضئيلة، بل بما تفيضه مجموع الصفات الممتازة لمجموع الأفراد. تأملوا قطعة الفحم الملقاة على الأرض بدون إستعمال، وتأملوها ملقاة مع غيرها في الموقد المشتعل. أجل هذا هو التشبيه الذي يتبادر إلى الذهن في هذا المجال فلكل هيئة منظمة، بغض النظر عن الأشخاص الذين تتألف منهم، حياةٌ خاصة ومتميّزة، وهذه الميزة تبدو فى الحقيقة كالمغناطيس الذي يجذب الأعضاء الجدد أكثر من جمال العمل الذي تقوم به المنظمة أو درجة إلحاحه. إن إشتراك الأعضاء في المنظمة الواحدة يُنشىء التقاليد، ويُنتِج الأمانة والإحترام والطاعة، ويُلهِم أعضاءها بقوة بأفكار خلاقة. وهم يستندون إلى منظمتهم كما يستندون إلى أم مسنة مفعمة حكمة. فهي التي تحفظهم من الأخطار: من التهور في الغَيرة؛ ومن اليأس بعد الفشل، ومن التكبر بعد النجاح؛ ومن التردد في الدفاع عن أفكار يتنكر لها الجميع؛ ومن خجل الوحدة. وبشكل عام، هي التي تخلصهم من الغرق في مزالق عدم الخبرة. وهي التي تتناول الأعمال الخشنة وليدة النية الصالحة فتصقلها، فتباشر العمل وفق خطة ومنهج منظم، فتضمن على هذا النحو التوسع في العمل والديمومة في تحقيقه
(الأب ميشيل كريدون Michael Creedon، المرشد الروحي الأول لمجلس قيادة اﻠﻠﭽيو ماريا) “إن جمعية اﻠﻠﭽيو ماريا، من خلال صلتها بنا، نحن أعضاءها، هي الإمتداد والصورة المحسوسة لأمنا السماوية مريم. فقد قبلتنا مريم في جمعيتها في حضن أمومتها المحب، لتشكّلنا على مثال يسوع وشبهه، وتجعل منا أولادها المختارين، فتحدد عملنا الرسولي وتشركنا في رسالتها كشريكة في فداء النفوس. فبالنسبة إلينا، إن غاية الجمعية وإهتماماتها هي ذاتها غاية مريم وإهتماماتها
(مقتطفات صغيرة من اللاهوت المريمي Petit Traité de Marialogie Marianiste) ٥. الإجتماع الإسبوعى للفرقة البريسيديوم تجتمع الفرقة المريمية كل إسبوع في جو فائق الطبيعة، عابق بكنوز من الصلوات وبأفعال التكريس وبروحها الأخوية العذبة. في هذا الإجتماع تعين لكل عضو مهمته ويدلي كل واحد ببيان عمله. إن هذا
الإجتماع الإسبوعي هو قلب اﻠﻠﭽيو ماريا الذي يدفع بالدم الحي إلى كل أوردته وشرايينه. وهو كمستودع القوى الذى يصدر منه النور والطاقة. وهو الكنز الذي يسد جميع الإحتياجات دون أن ينفذ. إنه التدريب الجماعى الرائع حيث يجلس المسيح فى وسطهم، وفقاً لوعده، دون أن يُرى ويمنح كل واحد النعمة الخاصة الضرورية له في عمله. في هذا الإجتماع يتشرب الأعضاء روح الإلتزام الرهباني، الذي يلقنهم قبل كل شيء ضرورة العمل لإرضاء الله وتقديس الذات، ومن ثم يمكن أن تُعتبر المنظمة بأنها الأفضل فى تحقيق هذه الأهداف، يلى ذلك الإستمرار نحو تنفيذ المهمة الموكولة، وهم متسلطين على ميولهم الشخصية الخاصة
فعلى أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا أن ينظروا إلى حضور إجتماع الفرقة الإسبوعي، الواجب الأول والأقدس تجاه اﻠﻠﭽيو ماريا. ما من شيء يمكنه أن يقوم مقامه، ومن دونه يكون عملهم الرسولي جسماً بلا روح. ويُثبت المنطق والخبرة، أن إهمال هذا الواجب الرئيسي ينزع من عملهم كل فاعلية، ويؤول أخيراً إلى عدم الثبات “نطبق على الذين لا يسيرون مع مريم، كلمات القديس أوغسطينوس: “إنك لتحسن السير، ولكن خارج الطريق.” فإلى أين ستصل في النهاية؟
(بتيتالو Petitalot) تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح