الفصل التاسع والعشرون
إخلاص اللچيو ماريا إن الفكرة الكلية للمنظمة هى وحدة المتعدد. فمبدأ الوحدة يجب أن يربط بين الجميع إبتداءً من العضو فصاعداً مروراً بدرجات السلطة في اﻠﻠﭽيو ماريا حتى أعلاها، وفى الإبتعاد عما تتطلبه سيكون هناك إنحراف عن مبدأ الحياة.
في منظمة تطوعية، فإن رباط الوحدة فيها هو الإخلاص؛ فالعضو يخلص للفرقة، والفرقة للمجلس المحلي، والمجلس المحلي للمجلس الأعلى منه، وهكذا فصاعداً مروراً بدرجات السلطة فى اﻠﻠﭽيو ماريا حتى مجلس القيادة العامة، والجميع في كل مكان يخلصون للسلطة الكنسية. فالإخلاص الحقيقي يلهم الأعضاء والفِرَق والمجالس الإدارية، وخشيتهم هى التصرف المستقل. ففي كل الأمور المشكوك فيها وفي جميع المواقف الصعبة، وبالنظر لكل مشروع جديد أو توجه حديث، لابد من اللجوء لسلطة ملائمة للتوجيه والإقرار إن ثمر الإخلاص هو الطاعة، ودليل الطاعة هو الإستعداد لقبول الأوضاع والقرارات الغير مستساغة - لابد من الملاحظة - وقبولها بفرح. هذه الطاعة السريعة والنابعة من القلب هي دائماً صعبة. وأحياناً تنتهك الميول الطبيعية، لدرجة تقتضي البطولة للقيام بها، بل هي فى الحقيقة نوع من الإستشهاد. وبهذا الشأن يقول القديس أغناطيوس دي لويولا: “إن الذين يبذلون جهداً سخياً في سبيل الطاعة يحصلون على إستحقاقات كبيرة، لأن الطاعة فى تضحيتها تشبه الإستشهاد.” فعلى هذا النحو تنتظر اﻠﻠﭽيو ماريا من أبنائها في كل مكان مثل هذه الروح، أي الخضوع البطولي الوديع للسلطات المختصة أيّاً كانت
إن اﻠﻠﭽيو ماريا هي جيش، جيش العذراء الكلية التواضع. فعليه إذاً أن يمارس في جهاده اليومي حالة تأهب فى سخاء مثل أى جيش أرضى للبطولة والتضحية، حتى التضحية العظمى. فطوال الوقت هناك متطلبات ذات طابع يقتضى تضحيات عظمى تُوضَع على عاتق أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا. فليس كثيراً ما يُطلَب منهم أن يقدموا أجسادهم ويعرّضوها للآلم أو الموت، كما يُطلَب من جنود العالم. إنما يُطلَب منهم أن يتساموا بشكل مجيد وراقى فى أمور الروح، فيكونوا مستعدين لأن يقدموا مشاعرهم، وبصيرتهم، وإستقلاليتهم، وكبرياءهم، وإرادتهم إلى جروح التناقضات، وموت الخضوع المخلص، إذا ما طلبت منهم السلطة ذلك
يقول تنسون Tennyson: “بما أن الطاعة هي رباط السلطة فالعصيان ضرر بليغ.” لكن نمط حياة اﻠﻠﭽيو ماريا يمكن بتره لا بالعصيان العنيد فحسب، بل أن ذات النتيجة يمكن الحصول عليها من الضباط الذين بإهمالهم لواجباتهم في حضور الإجتماعات أو المراسلات يعزلون فرقهم أو مجالسهم عن التيار الرئيسى لحياة اﻠﻠﭽيو ماريا. كما أن الضرر البليغ نفسه يمكن أن يُحدثه الضباط أو الأعضاء على حد سواء، والذين رغم مواظبتهم على حضور الإجتماعات، إلا أن تصرفاتهم هناك - من أى سبب كان - تُحسب إنها داعمة للتفرقة والإنشقاق “إن يسوع قد أطاع أمه. وقد قرأتم كيف يخبرنا الإنجيلى عن حياة يسوع السرية فى الناصرة مع مريم ويوسف وهى أنه “كانَ طائِعاً لَهُما” “وكانَ يسوعُ يَتسامى في الحِكمَةِ والقامَةِ” (لو٢ :٥١-٥٢) فهل في هذا السلوك ما يناقض ألوهيته؟ بالطبع لا، فإن الكلمة صار جسداً وتنازل فإتخذ طبيعة شبيهة لطبيعتنا ما خلا الخطيئة. وقال عن نفسه أنه “لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ” (متى٢٠: ٢٨) “وأَطاعَ حَتَّى المَوت” (فل ٢: ٨)؛ وهذا هو السبب وراء مشيئته فى أن يطيع أمه. لقد أطاع في الناصرة مريم ويوسف، الخليقتين الممتازتين اللتين جعلهما الله بقربه. فقد كانت مريم بدرجة ما، تشترك في سلطان الآب الأزلي على ناسوت إبنه. وقد كان بوسع يسوع أن يقول بشأن أمه ما كان يقوله بشأن أبيه السماوي: “لأَنِّي أَعمَلُ دائِماً أَبَداً ما يُرْضيه.” يو٨: ٢٩
(الطوباوى كولمبا مارميون Marmion Columba: المسيح، حياة النفس)
تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح