الفصل التاسع عشر
الإجتماع والعضو ١. إحترام الإجتماع. في النظام الطبيعي كله، يقوم سريان القوة على إقامة إتصال أو قطعه. كذلك في نظام اﻠﻠﭽيو ماريا يمكن أن يحدث إنقطاع حيوي في نقطة ما. فيمكن أن يحضر أحد الأعضاء إجتماعات الفرقة، ويحصل على مقدار ضئيل من ذلك الإلهام والتفاني والقوة فى اﻠﻠﭽيو ماريا، أو أن لا يحصل عليه البتة. لذلك يجب أن يكون هناك علاقة وثيقة أو إتحاد بين الإجتماع والعضو. ولا يأتي هذا الإتحاد نتيجة الحضور الجسماني للإجتماع، بل يجب أن يتوفر عنصر يجعل من ذلك الحضور حضوراً فعالاً يربط العضو بالإجتماع، وأعني به: الإحترام. وكل شيء في اﻠﻠﭽيو ماريا يتعلق بهذا الإحترام من العضو للإجتماع. ويظهر في الطاعة، والأمانة، والتقدير ٢. على الفرقة أن تستحق هذا الإحترام. إن كل فرقة لا ترتفع فوق مستوى أعضائها، تنقصها أولى الصفات الجوهرية التي يتسم بها الدليل الذى يقود غيره، ولن تستطيع الإحتفاظ بإحترام هؤلاء الأعضاء مدة طويلة ٣. يجب على الفرقة إحترام القوانين. تسرى حياة اﻠﻠﭽيو ماريا إلى كل عضو بالقدر ذاته الذي يحيطها به من الإحترام. وحيث أن جوهر الروح المريمية يقوم على بذل الجهد لبلوغ الكمال، فيجب إذاً على الفرقة أن تسعى لأن تفوز بأعلى درجة من تقدير أعضائها وإحترامهم، فيُتاح لها أن تؤثر فيهم تأثيراً حسناً. إن الفرقة التي تطلب من أعضائها إحتراماً لا تقدمه هي للقانون التي تعمل وفقه في اﻠﻠﭽيو ماريا، تكون كمَن يبني على الرمل، لذا يُلَح مراراً في هذا الدليل على ضرورة التقيد الدقيق بالترتيب الواجب إتباعه في الإجتماعات، والطريقة العامة التي تُجري عليها ٤. على الفرقة أن تكون مثالاً في الثبات. تطلب اﻠﻠﭽيو ماريا أن يكون كل ما يُقال ويُفعل في الإجتماعات قدوة حتى لأكثر الأعضاء حماسة وغيرة. فإن طبيعة التنوع في حياة الفرقة يجعلها قادرة أن تقوم بهذه المهمة. قد يمنع المرض أو يوم العطلة، أو أى ظروف قهرية أخرى، أحد الأعضاء من القيام بواجبات العضوية. أما الفرقة، ولكونها مؤلَفة من أعضاء كثيرين، لا يمكن أن يتعطلوا كلهم معاً في نفس الوقت، فإنها ترتفع فوق القيود والمحدّدات التي لدى الفرد لا يجب إهمال الإجتماع الإسبوعى لأي سبب كان ما عدا العذر الحقيقي. وإذا أصبح اليوم الذي يُعقد الإجتماع فيه عادة غير مناسب فيتم إختيار يوم آخر. أما غياب عدد كبير من الأعضاء عن الإجتماع فليس سبباً كافياً لإهماله. فخير أن يُعقد الإجتماع بعدد قليل من الأعضاء عن أن يُهمَل تماماً. لا شك أن الأمور التي ستُناقَش في مثل هذا الإجتماع تكون قليلة، لكن على الأقل تكون الفرقة قد أدت أهم واجباتها وهي عقد الإجتماع الإسبوعى. وتكتسب الإجتماعات المستقبلية للفرقة إحتراماً متزايداً؛ لأن أعضاء الفرقة سيُدركون أن العمل سائر في طريقه بغض النظر عن تغيّب الأعضاء، فتبقى الفرقة صامدة رغم ضعفهم، وأخطائهم، ومشاغلهم على أنواعها. وتعكس الفرقة في هذا، ولو بصورة ضئيلة إحدى الصفات الرئيسية للكنيسة نفسها ٥. التدفئة والإضاءة. تكون غرفة الإجتماع مضاءة بشكل جيد، ويكون جوّها مريحاً من حيث درجة الحرارة. فأي خلل في هذا يُحَوّل حضور الإجتماع إلى إزعاج بدل أن يكون ممتعاً، فيُجحف بشكل شديد الخطورة بحق المرشَحين الجدد للفرقة ٦.ترتيب المقاعد. يجب توفير كراسي أو مقاعد للجلوس. فإذا جلس الأعضاء بشكل مبعثر هنا وهناك على بعض طاولات المدارس، أو على كراسي غير منتظمة، خُلِق جواً من عدم الترتيب يُعطِل نمو روح الترتيب التي تسعى المنظمة إلى إنمائه ٧. تُعقَد إجتماعات الفِرَق في أوقات مناسبة. كون معظم الأشخاص يعملون خلال النهار، يفرض عقد الإجتماعات إعتيادياً في المساء، أو في أيام العطلات الإسبوعية. ولكن هناك أيضاً مَن يعمل في المساء، ويجب الإهتمام بهؤلاء أيضاً من خلال عقد إجتماعات في أوقات تناسبهم
كذلك الذين يقومون بأعمال تتبدل مواعيدها دورياً، يجب الإهتمام بأمرهم عن طريق إنشاء فرقتين، يُعقَد إجتماعهما في موعدين مختلفين تماماً، يتعاونان لإستقبالهم. فيحضر هؤلاء الأعضاء إجتماعات هذه الفرقة أو تلك، حسب أوقات فراغهم. ولتأمين إستمرار الحضور والعمل، تحتفظ الفرقتان بصلات وثيقة ٨. مدّة الإجتماع. لا يدوم الإجتماع أكثر من ساعة ونصف من الوقت المحدّد لإفتتاحه. فإذا وٌُجِدَ، بالرغم من حسن إدارة الإجتماع، أن النقاش يُختَصر أكثر من اللازم، ليس لشيء سوى لإنهاء الإجتماع في وقته المحدّد، فذلك دليل على أن لدى الفرقة أعمالاً كثيرة، ويجب التفكير في تقسيم الفرقة إلى فرقتين ٩. مدة الإجتماع غير مناسبة. لا يوجد حد أدنى لمدّة الإجتماعات، لكن إذا كانت الإجتماعات تدوم عادة أقل من ساعة (يخصص منها للصلوات، والقراءة الروحية، وتلاوة المحضر، وكلمة الإرشاد نصف ساعة)، يكون هنالك خلل ما ويجب إصلاحه، سواء مصدره عدد الحاضرين، أم كَمْ الأعمال الواجب إنجازها، أو في جودة التقارير التى يجب تلاوتها. وفي الأوساط الصناعية، يُعَد خللاً جسيماً، إهمال نظام تشغيل الآلات بكل طاقتها، في الوقت الذي يتوفر فيه سوق لتصريف المنتجات. هكذا يجب أن يعمل نظام اﻠﻠﭽيو ماريا بأقصى طاقته. ولا يستطيع أحد الإقتراح بأن ليس من حاجة إلى أقصى ناتج روحي ممكن ١٠. الوصول المتأخر أو الإنصراف المبكر. على الأعضاء الذين يَصِلون متأخرين عن صلوات إفتتاح الإجتماع أن يجثوا على ركبهم، ويتلوا منفردين الصلوات (الموجودة في وثيقة الإنتساب) التي تسبق المسبحة الوردية، والإبتهالات التي تليها. أما التخلف عن تلاوة المسبحة الوردية مع الفرقة فلا يمكن تعويضه. كذلك يجب على الأعضاء الذين يضطرون للإنصراف قبل نهاية الإجتماع أن يستأذنوا الرئيس، ثم يجثوا ويتلوا صلاة “تحت ظل حمايتك” والإبتهالات التي تليها لا يُسمَح أبداً، في أي حال من الأحوال، أن يعتاد أي من الأعضاء على الوصول إلى الإجتماع متأخِراً أو الإنصراف مبكِراً. يمكن بالطبع أن يكون العمل قد أُنجز فعلاً، ويمكن أن يكون قد قُدّم عنه التقرير اللازم، إلا أن تجاهل عدم الحضور لصلوات الإفتتاح أو الختام، تحمل الظن أن فكراً غريباً بل مضاداً لروح اﻠﻠﭽيو ماريا الحقيقية التي هي روح الصلاة، يتملك ذلك العضو. وأن قبول أمثال هؤلاء لا يُنتِج خيراً بل ضرراً ١١. الترتيب الجيد أساس النظام. ينبغي أن (أ) يُقام الإجتماع بكل أمانة ضمن النطاق الذي يفرضه القانون، (ب) إنتظام التتابع من واجب إلى التالى، (ج) تُعالَج الأمور بدقة كما هو مُخطَط له. (د) يكون الفكر العام بأن مريم هي الحافز الأساسي لهذا الترتيب، والذي تعتمد عليه اﻠﻠﭽيو ماريا في إنماء روح النظام لدى أعضائها. وبدونها يكون الإجتماع كالرأس السليم في جسد مصاب بالشلل، لا يملك القوة على التحكم بأعضائه فيعجز عن قبضها أو دفعها للأمام، أو وضعها بأي شكل كان
بدون النظام يقع الأعضاء تحت رحمة الميل الطبيعي نحو العمل الإنفرادي، وبأقل ما يمكن من التحكم بالعمل، فيعملون على حسب هوى اللحظة وبالطريقة التي تروق لهم، ولا يُنتَج أي خير ومن ناحية أخرى، فإن إحدى القوى الجبارة في العالم تكمن في القبول طواعية لنظام وقف ذاته على خدمة الأهداف الدينية. ويبدو أن هذا النظام، يُثبِت بأنه قوة لا تُقاوَم إذا ما عُمِلَ بغير خلل، وبدون تصلب، وبموافقة قلبية من السلطة الكنسية إن روح النظام هذا، الذي هو من ميزات اﻠﻠﭽيو ماريا، هو كنز، بإمكانها أن تنشر خيراته في محيطها. وهذه عطية لا تُقدَر بثمن في عالم يتأرجح بلا فائدة بين طرفي الإستبداد والإباحية. إن غياب نظام داخلي في قلب الإنسان يمكن أن يُحجَب من خلال نظام خارجي حازم تفرضه التقاليد والقوة. فإذا إعتمد الأفراد أو الجماعات فقط على هذا النظام الخارجي، فسيكون مصيرهم الإنهيار إذا إنعدم هذا النظام، كما هو الحال في الأوقات العصيبة أو الأزمات. وهكذا فإن النظام الداخلي هو أعظم شأناً من أي نوع من الأنظمة الخارجية. ولكن هذا لا يعني أن ليس من أهمية للنظام الخارجي. في الواقع، إن هذين النظامين متلازمان، أحدهما يتطلب الآخر. فمتى إتحدا وإشتركا بنسبة حسنة، وجُمعت بينهما الرابطة الدينية العذبة، حينئذ نمسك بأيدينا الخيط المثلث الذي - وفق الكتب المقدسة - “لا يَنقَطعُ سَريعًا.” جا٤: ١٢ ١٢. أهمية الدقة في المواعيد. بدون دقة لا سبيل إلى إتمام وصية الرب: “نَظِّمْ أُمورَ بَيتِكَ” (أش٣٨ :۱). إن كل نظام يُدرّب أعضاءه على مخالفة الترتيب يسيء إلى تدريبهم وتثقيفهم إساءة جذرية. وإنما يرتكب خطأً جسيماً ضد الإحترام الذي يجب أن يكون أساساً في كل تربية صحيحة وكل نظام صحيح. ومن المؤكد أن إهمال عمل جوهري سهل التحقيق، يكاد يكون فعلاً فاقد الرشد، يُشبه المثل القائل بترك السفينة تغرق، من أجل توفير ما يساوى نصف قرش من القار لدهانها في بعض الأحيان، يتم وضع ساعة على المنضدة، لكنها لا تجلب أي تأثير على سير الإجتماع. وفي أحيان أخرى، تلعب دوراً يتعلق ببدء الإجتماع، ومنتصفه، ونهايته، ولكن ليس لضبط التقارير أو معالجة الشؤون الأخرى، في حين أن مبدأ الدقة والنظام يجب أن يسود في كل وقائع الإجتماع من البداية إلى النهاية فإذا لم يعمل الضباط بهذه الإرشادات، فللأعضاء الحق في الإعتراض. وإن لم يفعلوا، كانوا مُشجِعين على الخطأ ومشاركين فيه ١٣. طريقة تلاوة الصلوات. بعض النفوس المندفعة فى التصرفات يصعب ضبط إندفاعها حتى في شأن الصلاة. إن مثل هذا النوع الخاطىء من القيادة قد يجذب الفرقة كلها إلى تلاوة الصلوات بطريقة غير لائقة. وفي الحقيقة، إن التلاوة السريعة للصلوات عيب ينتشر بشكل عام في كثير من الفِرَق. وهو يدل على إهمال الواجب الذى يلزم أعضاء اﻠﻠﭽيو ماريا بالصلاة بإحترام ورصانة، كما لو كانت سيدتنا مريم العذراء حاضرة بشخصها بين الأعضاء حضوراً محسوساً بدلاً من تمثالها ١٤. الصلوات جزء لا يتجزأ من الإجتماع. يقترح بعضهم من حين إلى آخر أن تُتلى المسبحة الوردية أمام القربان المقدس، ثم يذهب الأعضاء بعد ذلك إلى غرفة الإجتماع. وهذا الإقتراح لا يمكن السماح به، وفقاً للمبدأ الأساسي الذي يقضي بأن وحدة الإجتماع هي أمر أساسي بالنسبة لنظام اﻠﻠﭽيو ماريا بأكمله. فإذا كان الإجتماع يؤلَف وحدة تامة، فإن الأمور المختلفة تأخذ أيضاً طابع الصلاة بشكل مميز (وتأتي بثمار سامية من البطولة والجهد)، ولكنها تفقد هذه الثمار إذا تُليت معظم الصلوات خارج غرفة الإجتماع. إن إجراء تغيير كهذا يبدل تماماً صبغة الإجتماع، ومن ثم اﻠﻠﭽيو ماريا نفسها التي تقوم على هذا الإجتماع. ومهما كانت فوائد هذا الإقتراح عظيمة، فإن التنظيم الناتج عنه لا يُكَوّن اﻠﻠﭽيو ماريا على الإطلاق. ولا حاجة بنا إلى القول بأن إهمال تلاوة المسبحة الوردية أو جزء آخر من الصلوات - أياً كانت الظروف - هو أقل قبولاً من الإقتراح السابق. فكما هو التنفس ضروري لجسم الإنسان كذلك هي تلاوة المسبحة الوردية في إجتماعات اﻠﻠﭽيو ماريا ١٥. العبادة في الكنيسة والإجتماع. من أجل ما ذُكِرَ سابقاً، فإن الفرقة التي قامت بتلاوة صلوات اﻠﻠﭽيو ماريا في كنيسة ما أو خلال خدمة ما قبل إجتماعها، هي مُلزَمة بإعادة الصلوات كاملة خلال الإجتماع ١٦. الصلوات الخاصة في الإجتماع. يُسأل مراراً عما إذا كان بالإمكان أن تُقَدّم صلوات الإجتماع لأجل نية خاصة. وبما أن الكثير من الطلبات تأتي من أجل مثل هذه الصلوات، فمن الضروري أن يُوضَح الموقف بهذا الشأن: (أ) إذا كان المقصود أن تُقدَم صلوات الإجتماعات العادية لأجل نية خاصة، فالقاعدة هي أن هذه الصلوات يجب أن تُقدَم لأجل نيات العذراء القديسة، سلطانة اﻠﻠﭽيو ماريا، لا لأجل نية أخرى. (ب) وإن كان المقصود أن تُضاف إلى صلوات المنظمة صلوات أخرى لأجل نيات خاصة، فإن الصلوات المفروضة في الإجتماعات طويلة بما يكفي، فيجدر ألا يزاد عليها شيء. إنما يحدث أحياناً أن بعض الأمور المريمية ذات الأهمية الإستثنائية تقتضي صلوات خاصة، ففي مثل هذه الأحوال، يمكن أن تُضاف إلى صلوات الإجتماع العادية صلاة قصيرة. ويجب التأكيد أن ذلك يجب ألا يحدث إلا نادراً. (ج) يجوز أن يُطلب من الأعضاء أن يضيفوا إلى إكرامهم الشخصى صلاة من أجل نيات خاصة تُعرض عليهم. ١٧. هل تقرير الأعمال يخالف التواضع؟ يبرّر بعض الأعضاء ضعف تقاريرهم بزعم أنهم يخالفون فضيلة التواضع، إذا ما أعلنوا للحاضرين، ما يقومون به من عمل الخير. ولكن هناك شيئاً من الكبرياء المتخفى فى ثوب التواضع، ما يدعوه بعض الشعراء خطيئة الشيطان المفضلة. فليحترس هؤلاء الأعضاء من أن يبطن كلامهم هذا تصرفات الكبرياء بذاته لا التواضع. ورغبة في إبعاد الفرقة عن المراقبة الدقيقة لأعمالهم. فمن المؤكد أن التواضع الحقيقي لن يدفعهم أبداً إلى تقديم قدوة سيئة، ولو إتبعها سائر الأعضاء فستؤول إلى خراب الفرقة. ومما لا جدال فيه أن البساطة المسيحية تحث الأعضاء على تجنب الإنفرادية. وعلى الخضوع بإخلاص لقوانين منظمتهم وممارستها، وعلى القيام بما عُهِدَ إليهم شخصياً على أكمل وجه. لأن هذه المهمة الشخصية هي أيضاً ضرورية لبنيان الإجتماع، حيث إن كل تقرير كما وضحنا سابقاً يقوم مقام حجر في البناء ١٨. إئتلاف القلوب هو تعبير عن الوحدة. إئتلاف القلوب هو المظهر الخارجى لروح المحبة في الإجتماع، لذا، يجب أن تسود هذه المحبة بأسمى صورة. إذ ليس هناك أي عمل مريمي فعال بدونها، فإدراك اﻠﻠﭽيو ماريا لمغزى الكلام عن الفاعلية لم يستبعد أبداً فكرة إئتلاف القلوب. فالخير الذي يتم على حساب هذا الإئتلاف يكون مثيراً للشك. أما تلك النقائص التي تُناقِض في جوهرها هذا الإئتلاف فلابد من إجتنابها فى اﻠﻠﭽيو كأنها بلاء حقيقي. وذلك يُشير إلى أشياء منها: الرغبة في السيادة، والبحث عن الأخطاء، وسوء الخلق، والإستهزاء، ومظاهر الترفع على الغير. وهذه كلها إذا تسربت إلى الإجتماع إختفى معها في الحال كل إئتلاف ١٩. عمل كل فرد يهم الجميع. يبدأ الإجتماع بالصلاة، ويدرك الجميع أنّهم مشتركون فيها بالتساوي. ويجب أن يُميّز هذا الشعور جميع الأمور التي تأتي لاحقاً في الإجتماع. وأن الحديث أو الضحك الإنفرادى بين الأعضاء يجب ألا يكون له مجال. وليتفهّم الجميع أن أياً من الشؤون، لا تعني العضو أو العضوين اللذين قاما بها فقط، بل جميع الحاضرين، لدرجة أن كل عضو يقوم بزيارة روحية لكل من الأشخاص أو الأماكن التي ذُكِرَ أنها كانت موضوع العمل. فإن لم يتمكنوا من تحقيق هذه المشاركة ومتابعتها، سيبقى الأعضاء مجرد مستمعين إلى تقارير الآخرين وملاحظاتهم بشأن الأعمال، في حين كان يجب أن تكون كل لحظة مليئة، ليس بمجرد الإنتباه الذي يعطيه الشخص لسرد ممتع لتقرير عمل تم إنجازه، ولكن بشعور من التواصل الحميم، والإهتمام الشخصى ٢٠. السريّة ذات أهمية عليا. إن التعليم الدائم الذي يُلقَى على مسامع الأعضاء شهراً بعد شهر، يهدف إلى تلقينهم المكانة العظيمة الأهمية التي يأخذها كتمان السر في نظام اﻠﻠﭽيو ماريا إن نقصان الشجاعة عند عضو اﻠﻠﭽيو ماريا يُحسَب عاراً، لكن الخيانة هي أسوأ بكثير. وتعتبر خيانة ﻠﻠﭽيو ماريا، إذا ردّد الأعضاء في الخارج أموراً سرية عرفوها أو تم مناقشتها في إجتماع الفرقة. ولكن في الوقت ذاته، لا بد من الإعتدال في كل الأمور. فأحياناً قد يلح الأعضاء الشديدى الغيرة، إنطلاقاً من دوافع المحبة على ضرورة حجب الأسماء والتقارير عن الفرقة والتي تتضمن إهمال للدين يوجد في هذا الإقتراح الذي قد يبدو صائباً، خطأ وتهديّد لحياة اﻠﻠﭽيو ماريا نفسها، فإن الفرقة لا تستطيع العمل بشكل مُرضى تحت هذه الظروف، ذلك أنّ:
(أ.( تَبنّي هذه الطريقة في العمل يُخالِف المسلك العام للجمعيات، التي جرت العادة فيها بأن تُناقش الحوادث المتعلقة بها كما هي (ب.( تكون النتيجة المنطقية للإقتراح في أن يحتفظ المشتركون بالزيارة، بالسر حتى فيما بينهم وتجاه بعضهم بعضاً (ج.( إن وحدة التنفيذ والمعرفة والمحبة ليست العضو الزائر، أو العضوين الزائرين. فالفرقة كلها هي هذه الوحدة، وإليها يرجع الحق بأن تعرف تفاصيل كل الحوادث العادية. فإذا رُفِض تقديم هذه التقارير، فإن تلك الوحدة تفقد تأثيرها. وهكذا، يُساء إلى الفوائد الحقيقية للمحبة بحجة المحبة. (د.( وهنا لا يوجد أي وجه شبه مع حالة الكاهن الذي تجعله وظائفه المقدسة يكتم الأسرار، وهذا يضعه في وضع مختلف عن عضو اﻠﻠﭽيو ماريا. فعضو اﻠﻠﭽيو ماريا لا يعرف في زياراته إلا ما يُقال لأي شخص جدير بالإعتبار، وما يعرفه غالباً الجيران، أو أهل الحي (ھ.( إذا حُذِفَ واجب الإدلاء بتقارير كاملة، زال شعور الأعضاء بالمراقبة الدقيقة التي تعني الكثير لنظام اﻠﻠﭽيو ماريا. فلا يعود يُقدِم أي نصح أو إرشاد أو نقد فتُحبَط الغاية الرئيسية لوجود الفرقة. ولإستحال تدريب الأعضاء وحمايتهم، لأن هذه الحماية وذلك التدريب يقومان على مضمون التقارير. لذا يجب أن تُقَدَم تقارير مفصلة حتى تتمكن الفرقة من القيام بالمراقبة الدقيقة التي أشرنا إليها، وإلا فُتِحَ الباب لحدوث كل أنواع عدم الكتمان والتي ستُلحِق، بلا شك، الضرر باﻠﻠﭽيو ماريا (و.( والأكثر غرابة، أن ينحل رباط الكتمان والسرية. لأن ضمان التحفظ لدى عضو اﻠﻠﭽيو ماريا (والذي تم إحترامه حتى الآن) يكمن في سيطرة الفرقة على أعضائها. وإذا ضعفت هذه السيطرة، ضعف بالتالي رباط السرية. فبمعنى آخر، الفرقة ليست وحدة المحبة والسرية فقط بل هي دعامتهما الأساسية أيضاً تُحسَب التقارير المقدّمة لإجتماع الفرقة في عداد نقاش الأسرار العائلية. فيجب السماح بالصراحة ذاتها والحرية في التعبير في النقاش، إلى أن يظهر بالبرهان أن تفاصيلها تتسرّب إلى الخارج. حينئذ لا يكون الدواء بحصر نطاق تلك التقارير بل في إقصاء الخائن من الجماعة
ويؤخذ بعين الإعتبار، بأنه قد يحدث في بعض الأحيان حوادث إستثنائية تقتضي إحترام خصوصية مطلقة. وفي هذه الأحوال يتم اللجوء إلى المرشد الروحي (وفي حال تغيّبه إلى مستشار كفء) ليُقرّر ما يجب عمله ٢١. حريّة التعبير. هل من الممكن أن يُعَبّر الفرد عن عدم موافقته على الطرق المتبعة في الإجتماع؟ إن الجو الذي يسود الإجتماع يجب أن يتميز بكونه “جواً عائلياً” لا عسكرياً
لذا يجب الترحيب “بالتعليقات المناسبة” التي تأتي من الأعضاء، شرط ألا تكون هذه الملاحظات بلهجة تحدّ أو قلة إحترام لضباط الفرقة ٢٢. الإجتماع قوام العضوية ودعامتها. هناك ميل طبيعي في الإنسان أن يكون قليل الصبر في طلب النتائج المحسوسة، ثم يصير غير راضياً عن أى شىء يحرزه. مرة أخرى نقول أن النتائج المحسوسة ليست دليلاً أكيداً على نجاح العمل. فهناك عضو يجني هذه النتائج من مجرد لمسة، بينما غيره لا يجني منها شيئاً رغم إجتهاده المتواصل وثباته البطولي. فالشعور بضياع التعب وذهابه سدى ينتج عنه إهمال العمل نفسه، وهذا يعني أن العمل الذي يُقَدّر فقط من منظور النتائج، إنما هو رمل متحرك غير ثابت، لا يمكن أن يحفظ ثبات العضوية العادية لمدة طويلة. فلا بد لهم من سند ثابت متين. وهذا السند يجده الأعضاء في ثروة الصلوات، وفي طقوس الإجتماع وجَوِّه الخاص، وفي التقارير الإسبوعية عن أعمالهم، وفي الرفقة المباركة، وفي جاذبية النظام، وفي الإهتمام النشط بكل ما يُنجَز، وفي الأسلوب المنظم الحقيقي، وهذا كله يجتمع ليكوّن إجتماع فرقتهم الإسبوعى لذا، لا يكون هناك أي تفكير فى ضياع الجهد المؤدى إلى إنحلال روابط العضوية، بل بكل ما يعمل على إلتئامها سريعاً! وكلما توالت الإجتماعات بإنتظام، كان الشعور أكبر بيُسر هذه الآلية التي تسير بإنتظام تجاه تحقيق أكيد للغاية التي تقصدها. وهذا يعطي الأعضاء الضمان الأكيد، بأنهم سوف ينجحون في عملهم الذي تقوم عليه عضويتهم المثابرة ويجب أن يتطلع الأعضاء بأفكارهم إلى ما هو أبعد منذ ذلك بقليل، فيروا في هذه الآلية آلة مريم الحربية التي تستخدمها لنشر سلطان إبنها، وأنهم هم أجزاء هذه الآلة، وأن عمل هذه الآلة يقوم على الطريقة التي يقومون من خلالها بتقديم ذواتهم لها. فعضويتهم الأمينة تعني أن هذه الآلة تعمل في أوجها، وأن مريم تستخدمها لتحقيق النتائج التي تتوق إليها. وهذه ستكون حتماً نتائج كاملة، لأن “مريم وحدها تعرف أين يكمن مجد الله الأعظم
(القديس لويس ماري دي مونفور) ٢٣. الفرقة هي “حضور” مريم. إن نصائح هذا القسم تتطلع إلى تثبيت وتوحيد أكثر كمالاً للأفراد، ليُشَكِلوا جسداً يُستَخدَم على وجه شامل في رسالة الكنيسة الراعوية. إن العلاقة ما بين الرسالة الراعوية الجماعية والرسالة الراعوية الفردية، يمكن أن يتم تشبيهها بالعلاقة ما بين صلاة الجماعة (الليتورجيا) والصلاة الفردية إن الرسالة تتحد بأمومة مريم وتدوم بها، فهي “التي أعطت العالم الحياة التي ستُجدّد كل شيء، ونفحها الله من المواهب بما يتناسب مع هذه المهمة العظيمة” (دستور عقائدي حول الكنيسة - ٥٦). وما زالت مريم تُكمل هذا الدور بمساعدة كل من يرغب في أن يمد يد العون لها. فالفرقة تضع قيد خدمتها فريقاً من نفوس المشتاقين إلى مساعدتها فى هذا الموقع. وهي حتماً ستقبل هذه المساعدة. لذلك يمكن أن تُصَوّر الفرقة وكأنها نوع من الحضور المحلي لمريم، سوف تعمل من خلالها على تكاثر وإستمرار أمومتها وإظهار عطاياها الفريدة. لذلك يمكن التوقع بأن الفرقة الوفية لمُثلها العليا إنما تبعث حياة، وتجديداً، وشفاء وحلولاً من حولها. لذلك، على الأماكن التي تعاني من مشاكل أن تطبق هذا المبدأ الروحي “إحن عاتِقَكَ واْحمِلْها ولا تَغتَظْ مِن سَلاسِلِها. أَقبلْ إليها بكلِّ نَفْسِكَ واْحَفَظْ طرقَها بِكُلِّ قوّتَّكَ. تَعَقَّبْها وأطلُبْها فتَتَعرَفَ إِلَيكَ وإذا قَبَضتَ علَيها فلا تُفْلِتْها. فإِنَّكَ في أَواخِرِكَ تَجِدُ الرَّاحَةَ فيها وتَتَحوَلُ إلى سُرورٍ لَكَ. فتَكونُ قُيودُها حِمايةً قَوِّية لَكَ وأَغْلالُها حُلَّةَ مَجْد. وَيكونُ نيرُها حَلْيًا مِن ذَهَب وسَلاسُلها شَريطًا بَنَفسَجِيًّا (سي ٦: ٢٥-٣٠)
تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح