اديـل كـوين
 في يوم عيد الصليب 14 سبتمبر 1907م ولدت أديل - معنى أديل (زهرة برية بيضاء وصغيرة)- في مقاطعة دوكورك بأيرلندا، يقول عنها الذين عرفوها أنها كانت فتاة مرحة طيبة وخجولة، تعمل سكرتيرة ناجحة وبالرغم من خجلها كانت تمضي وقتها في مساعدة المحتاجين وزيارة المرضى، أما سعادتها الكبرى فكانت تحصل عليها من المناولة، وعبادة القربان المقدس، وحضور القداس الإلهي؛ حتى أنه يوم الأحد كانت تحضر خمس قداسـات.
وبينما كانت تستعد لدخول دير الراهبات الفرنسيسكانيات تعرفت على فرقة حديثة للچيو ماريا وعملت معهم في الزيارات للأماكن الفقيرة، والمستشفيات، والسجون، والفتيات السـيئات السمعة، وبعد عاميـن صـارت رئيسـة للفرقة التي تعمل مع هؤلاء الفتيـات.
وفي عام 1932م عندما حان موعد دخولها الدير أصيبت بالسل، وكانت المستشفى لها كالدير تساعد فيه الجميع وتواسيهم، وأنشأت فرقة بين المرضى. وفي صيف عام 1933م استردت صحتها وأنشطتها، وفي هذه الأعوام إنتشرت اللچيو ماريا في أيرلندا والمملكة المتحدة وسافرت أديل إلى إمارة ” ويلز ” لتشرح فكرة المنظمة الوليدة للكهنة والعلمانيين، والرد على كل الإعتراضات والمناقشات، وأثمر ذلك عن الإقناع باللچيو ماريا كوسيلة فعالة للعلمانيين في العمل الرسولي، وعند رجوع أديل إلى أيرلندا كانت مقتنعة بشيئين: قدرتها على العمل وإمكانياتها في إنشاء فرق جديدة. وفي عام 1936م وبناء على طلب الرؤساء الدينيين في شرق إفريقيا، وبعد مجادلات طويلة مع المجلس الأعلى لإثنائها عن عزمها، وصلت أديل إلى نيروبي في 23 نوفمبر، وهناك وجدت خليط من اللغات، والقوميات، والمجتمعات، والأديان فبجانب المجتمع الحديث توجد على بعد أميال قليلة الغابات، والحيوانات المفترسة، وكان الكاثوليك الأوربيين لا يستقبلون الكاثوليك السود. ووسط هذه المتناقضات أعلنت عن اجتماع لكل المهتمين وجاءها 25 فرد فقط يرددون هذه الإعتراضات: لسنا بحاجة لمنظمات أخرى، ما الذي يستطيع فعله العلماني؟ ولسنا بحاجة إلى عمل روحي في نيروبي، لكن أديل كوين ردت بأن لديها 14 فتى يحتاجون مساعدة، فتقدمت ست سيدات وتكونت أول فرقة باسم سيدة الحبل بلا دنس، ثم نظمت اجتماعاً آخر حضره مائة شخص رجع منهم 16 شخص بعد أسبوع وعملوا في التعليم الديني، وزيارات للمستشفيات، والسجون، ومتابعة الغير ممارسين الأسرار.
وكانت أهم المصاعب التي واجهت أديل كوين هي صعوبة إقناع الإفريقيين برئاسة إمرأة، وكانوا يرون عدم جدوى اللچيو ماريا، ذلك إلى جانب وجود الأديان الوثنية وتهديدهم للمسيحيين، وخاصة المسيحيين الجدد الذين لا يفهمون اللچيو ماريا، وأخيراً كانت الأحوال الطقسيه قاسية ومتقلبة.
وفي إبريل 1937م انعقد المجلس وكانت المعجزة كيوم العنصرة استسلمت الحواجز الاجتماعية، والقومية أمام الغاية الواحدة وهي خدمة العذراء مريم، وبعد ذلك أوصى كبير الأساقفة كل المطارنة استقبال أديل كوين وتكوين فرق اللچيو ماريا، وخلال أربع أعوام إنتشرت اللچيو ماريا في كينيا، تنزانيا، أوغندا، وموريشـوس حتى أنه من يوليـو إلى أكتوبر 1938م كونـت أديل كوين 17 فرقة في أوغندا، وفي تسع أشهر كونت 30 فرقة في موريشوس عام 1940م.
ومع تدهور صحتها، وقلة الكهنة بسبب الحرب، كانت تواصل عملها بكل نشاط ونشرت اللچيو ماريا في شمال روديسيا حيث كونت عشر فرق ومجلس. ثم ظلت تنتقل من مصحة إلى أخرى، وعندما إكتسبت بعض القوة ذهبت إلى تنزانيا في عمل رسولي، وعند عودتها إلى نيروبي وصلت صحتها إلى مرحلة خطيرة وتوفت يوم 12 مايو 1944م، ودفنت في مقابر المرسلين عن 36 عاماً منهم ثمان سنوات في أفريقيا.
ومن أحلى عباراتها التي تركتها لنا:
- ما أعظم الثقة التي يجب أن تكون لنا في صحبة الله.
- لابد أن نعمل كل ما في وسعنا من أجله، ونعتمد عليه في إعطائنا القوة كل يوم لنفعل ما ينتظره منا، وأن الضعف الذي يتركه بداخلنا لا يجب أن يمنعنا عن هدفنا، وأن هذا الضعف مشاركتنا له في آلامه.
- ما أحلى النعمة لتحمل بعض الشئ من أجل المسيح، إنه في كل صباح يعطينا خبز الحياة لأجسادنا ونفوسنا إذا كان لنا إيمان.
وبعد 35 سنة من وفاتها يدرس في الفاتيكان الآن إقرار تطويبها لتكون أول طوباوية من اللچيو ماريا.
فلنصل من اجل هذا التطويب.
تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة ... لكي نستحق مواعيد المسيح